ورحمة لجميع الخلق، لأنهم الذين انتفعوا به. وصف الله سبحانه القرآن في هذه الآية بأربع صفات: بالموعظة، والشفاء، لما في الصدور، وبالهدى، والرحمة.
(قل بفضل الله وبرحمته) معناه: قل يا محمد بأفضال الله وبنعمته، فإنه يجوز إطلاق الفاضل على الله تعالى، فوضع الفضل في موضع الإفضال، كما وضع النبات في قوله: (والله أنبتكم من الأرض نباتا) في موضع الإنبات. وقيل: إن الفضل إلى الله بمعنى الملك، كما يضاف العبد إليه بأنه مالك له.
(فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) قال الزجاج: قوله (بذلك) بدل من قوله: (بفضل الله وبرحمته)، وهو يدل على أنه يعني به القرآن أي: فبذلك فليفرح الناس، لأنه خير لكم يا أصحاب محمد، مما يجمعه هؤلاء الكفار، من الأموال.
ومعنى الآية: قل لهؤلاء الفرحين بالدنيا، المعتدين بها، الجامعين لها، إذا فرحتم بشئ، فافرحوا بفضل الله عليكم، ورحمته لكم، بإنزال هذا القرآن، وإرسال محمد إليكم، فإنكم تحصلون بهما نعيما دائما مقيما، هو خير لكم من هذه الدنيا الفانية. وقيل: فضل الله هو القرآن ورحمته الاسلام، عن أبي سعيد الخدري، والحسن. وروى أنس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: من هداه الله للإسلام، وعلمه القرآن، ثم شكا الفاقة، كتب الله، عز وجل، الفقر بين عينيه إلى يوم القيامة، ثم تلا: (قل بفضل الله وبرحمته) الآية. وقيل: فضل الله: الاسلام، ورحمته:
القرآن، عن قتادة، ومجاهد، وغيرهما. قال أبو جعفر الباقر عليه السلام: فضل الله:
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ورحمته: علي بن أبي طالب عليه السلام، ورواه الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس.
(قل أرءيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل أألله أذن لكم أم على الله تفرون (59) وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون (60) وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرءان ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين (61).