مجدبات صعاب، تشد على الناس (يأكلن ما قدمتم لهن) معناه: تأكلن فيها ما قدمتم في السنين المخصبة لتلك السنين. وإنما أضاف الأكل إلى السنين، لأنه يقع فيها، كما قال الشاعر:
نهارك يا مغرور سهو وغفلة، وليلك نوم، والردى لك لازم وسعيك فيها سوف تكره غبه (1) كذلك في الدنيا تعيش البهائم وقيل: أراد بالأكل الإفناء والاهلاك، كما يقال أكل السير لحم الناقة أي: ذهب به. قال زيد بن أسلم: كان يوسف يصنع طعام اثنين، فيقربه إلى رجل، فيأكل نصفه، حتى كان ذات يوم قربه إليه فأكله كله، فقال: هذا أول يوم من السبع الشداد (إلا قليلا مما تحصنون) معناه الا شيئا قليلا مما تحرزون، وتدخرون (ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس) معناه: ثم يأتي من بعد هذه السنين الشداد، عام فيه يمطر الناس من الغيث. وقيل: يغاثون من الغوث، والغياث أي: ينقذون وينجون من القحط (وفيه يعصرون) الثمار التي تعصر في الخصب، كالعنب والزيت والسمسم، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة ينجون من الجدب من العصرة والعصر. والاعتصار: الالتجاء قال عدي بن زيد:
لو بغير الماء حلقي شرق كنت كالغصان بالماء اعتصاري (2) وهذا القول من يوسف، إخبار بما لم يسألوه منه، ولم يكن في رؤيا الملك، بل هو مما أطلعه الله تعالى عليه من علم الغيب، ليكون من آيات نبوته عليه السلام. قال البلخي: وهذا التأويل من يوسف يدل على بطلان قول من يقول: إن الرؤيا على ما عبرت أولا، لأنهم كانوا قالوا هي أضغاث أحلام، فلو كان ما قالوه صحيحا، لكان يوسف لا يتأولها.
(وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فسئله ما بال النسوة التي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم (50) قال ما خطبكن إذ راودتن