يكسبون) من المعاصي.
ثم وعد سبحانه المؤمنين بعد ما أوعد الكافرين، فقال: (إن الذين آمنوا) أي: صدقوا بالله ورسله (وعملوا الصالحات) أي: وأضافوا إلى ذلك الأعمال الصالحة (يهديهم ربهم بإيمانهم) إلى الجنة (تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم) أي: تجري بين أيديهم الأنهار، وهم يرونها من علو، كما قال سبحانه:
(قد جعل ربك تحتك سريا) ومعلوم أنه لم يجعل السري الذي هو الجدول تحتها، وهي قاعدة عليه، وإنما أراد أنه جعله بين يديها. وقيل: معناه من تحت بساتينهم، وأسرتهم، وقصورهم، عن الجبائي. وقوله: (بإيمانهم) يعني به: جزاء على إيمانهم.
(دعواهم فيها) أي: دعاء المؤمنين في الجنة، وذكرهم فيها أن يقولوا:
(سبحانك اللهم) يقولون ذلك لا على وجه العبادة، لأنه ليس هناك تكليف، بل يلتذون بالتسبيح. وقيل: إنهم إذا مر بهم الطير في الهواء يشتهونه قالوا: سبحانك اللهم، فيأتيهم الطير فيقع مشويا بين أيديهم، وإذا قضوا منه الشهوة، قالوا: الحمد لله رب العالمين، فيطير الطير حيا كما كان. فيكون مفتتح كلامهم في كل شئ التسبيح، ومختتم كلامهم التحميد، فيكون التسبيح في الجنة بدل التسمية في الدنيا، عن ابن جريج (وتحيتهم فيها سلام) أي: تحيتهم من الله سبحانه في الجنة سلام. وقيل: معناه تحية بعضهم لبعض فيها، أو تحية الملائكة لهم فيها سلام، يقولون: سلام عليك أي: سلمتم من الآفات والمكاره التي ابتلى بها أهل النار. وقد ذكرنا معنى قوله (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) وليس المراد أن ذلك يكون آخر كلامهم، حتى لا يتكلموا بعده بشئ، بل المراد أنهم يجعلون هذا آخر كلامهم في كل ما ذكروه، عن الحسن، والجبائي.
(* ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضى إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون (11) وإذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون (12)).