عن النبي: صلى الله عليه وآله وسلم.
وروى عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: يا عقبة! لا يقبل الله من العباد يوم القيامة إلا هذا الدين الذي أنتم عليه، وما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقر به عينه، إلا أن يبلغ نفسه إلى هذه - وأومى بيده إلى الوريد - الخبر بطوله، ثم قال:
إن هذا في كتاب الله وقرأ: (الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة) الآية. وقيل: إن المؤمن يفتح له باب إلى الجنة في قبره، فيشاهد ما أعد له في الجنة قبل دخولها.
(لا تبديل لكلمات الله) أي: لا خلف لما وعد الله تعالى به من الثواب، ولا خلاف في قوله بوضع كلمة أخرى مكانها بدلا منها، لأنها حق، والحق لا خلف فيه بوجه. (ذلك هو الفوز العظيم) أي: ذلك الذي سبق ذكره من البشارة في الحياة الدنيا وفي الآخرة، هي النجاة العظيمة التي يصغر في جنبها كل شئ (ولا يحزنك قولهم): ظاهره النهي، والمراد به التسلية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم عن أقوالهم المؤذية، وهو مثل قولهم: لا رأيتك ههنا، أي: لا تكن ههنا، فمن كان ههنا رأيته، وكذلك المراد بالآية لا تعبأ بأذاهم فمن عبأ به آذاه أذاهم.
(إن العزة لله جميعا) فيمنعهم منك بعزته، ويدفع أذاهم عنك بقدرته. وقيل:
معناه لا يحزنك قولهم: إنك ساحر، أو مجنون، فسينصرك الله عليهم، وسيذلهم، وينتقم منهم لك، فإنه عزيز قادر عليه (هو السميع العليم) يسمع أقوالهم، ويعلم ضمائرهم فيجازيهم عليها، ويدفع عنك شرهم، ويرد كيدهم، وضرهم.
النظم: وجه اتصال الآية الأولى بما قبلها: إنه لما تقدم ذكر المؤمن والكافر بين عقيبه أن أولياءه لا خوف عليهم. وقيل: لما ذكر أنه يحصي أعمال خلقه، بشر من تولاه، وذكر ما أعد لهم. ووجه اتصال قوله: (لا يحزنك قولهم) بما تقدم، أنه يتصل بقوله. وان كذبوك (فلا يحزنك قولهم) وقل: (لي عملي ولكم عملكم).
وقيل: إنه يتصل بما قبله، فكأنه قال: إذا كنت من أولياء الله، ومن أهل البشارة، فلا ينبغي أن تحزن بطعن من يطعن عليك. ووجه اتصال قوله: (هو السميع العليم) بما قبله: أنه يسمع قولهم، ويجازيهم، فلا يحزنك ذلك.
(ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض وما يتبع الذين