والانتهاء عن المنهي عنه. كما أمرت في القرآن (ومن تاب معك) أي: وليستقم من تاب معك من الشرك كما أمروا، عن ابن عباس. وقيل: معناه ومن رجع إلى الله، وإلى نبيه، فليستقم أيضا أي: فليستقم المؤمنون. وقيل: استقم أنت على الأداء، وليستقيموا على القبول (ولا تطغوا) أي: لا تجاوزوا أمر الله بالزيادة والنقصان، فتخرجوا عن حد الاستقامة. وقيل: معناه ولا تطغينكم النعمة فتخرجوا عن حد الاستقامة، عن الجبائي. وقيل: معناه لا تعصوا الله، ولا تخالفوه.
(إنه بما تعملون بصير) أي: عليم بأعمالكم، لا تخفى عليه منها خافية.
وروى الواحدي بإسناده عن إبراهيم بن أدهم، عن مالك بن دينار، عن أبي مسلم الخولاني، عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لو صليتم حتى تكونوا كالحنايا، وصمتم حتى تكونوا كالأوتاد، ثم كان الاثنان أحب إليكم من الواحد، لم تبلغوا حد الاستقامة. وقال ابن عباس: ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آية كانت أشد عليه، ولا أشق من هذه الآية، ولذلك قال لأصحابه، حين قالوا له:
أسرع إليك الشيب يا رسول الله!: شيبتني هود، والواقعة.
النظم: وجه اتصال الآية الأولى بما قبلها: إنه لما قص نبأ الأمم وإهلاكهم بكفرهم، أخبر عقيب ذلك عن بطلان ما كانوا عليه، وأنه يوفيهم جزاء أعمالهم.
وقيل: إنه سبحانه بين فيما قبل اختلاف الأمم على أنبيائهم، تكذيبا لهم، ثم بين في هذه الآية أن خلاف هؤلاء كخلاف أولئك خلاف كفر، لا خلاف اجتهاد، عن أبي مسلم. وكذلك اتصال الآية الثانية، فإنه بين فيها أن تكذيب هؤلاء الكفار بالذي آتيناك، كتكذيب أولئك بالكتاب الذي آتيناه موسى.
(ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون (113) وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرا للذاكرين (114) واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين (115) فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما