خلفه، وقليل ما هم. وروي عن أبي ذر أنه قال: من ترك بيضاء أو حمراء كوي به يوم القيامة.
(إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين (36).
القراءة: قرأ أبو جعفر (اثنا عشر) و (أحد عشر) و (تسعة عشر) بسكون العين. والباقون: بفتحها.
الحجة: الوجه في ذلك: إن الإسمين لما جعلا كالاسم الواحد، وبني الأول منهما لأنه كصدر الاسم والثاني منهما، لتضمنه معنى واو العطف، جعل تسكين أول الثاني دليلا على أنهما قد صارا كالاسم الواحد.
اللغة والاعراب: كافة: بمعنى الإحاطة، مأخوذ من كافة الشئ، وهي حرفه، وإذا انتهى الشئ إلى ذلك كف عن الزيادة وأصل الكف: المنع، ومنه المكفوف: وهو الممنوع البصر. وكافة: نصب على المصدر، ولا يدخل عليها الألف واللام، لأنه من المصادر التي لا تتصرف لوقوعه موقع معا وجميعا بمعنى المصدر الذي في موضع الحال المؤكدة، فهو في لزوم النكرة، نظير أجمعين في لزوم المعرفة، هذا قول الفراء. وقال الزجاج: كافة تنصب على الحال، وهو مصدر على فاعله، كالعافية والعاقبة، وهو في موضع قاتلوا المشركين محيطين بهم باعتقاد مقاتلهم، ولا يثنى ولا يجمع، فلا يقال قاتلوهم كافات، ولا كافين، كما أنك إذا قلت: قاتلوهم عامه، لم تثن ولم تجمع، وكذلك خاصة، هذا مذهب النحويين.
المعنى: لما ذكر الله سبحانه وعيد الظالم لنفسه بكنز المال، من غير اخراج الزكاة وغيرها، من حقوق الله منه، اقتضى ذلك أن يذكر النهي عن مثل حاله، وهو الظلم في الأشهر الحرم الذي يؤدي إلى مثل حاله، أو شر منه في المنقلب، فقال:
(إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا) أي: عدد شهور السنة في حكم الله وتقديره اثنا عشر شهرا. وإنما تعبد الله المسلمين أن يجعلوا سنيهم على اثني عشر