الخزرج، فقال: يا رسول الله! إئذن لي، ولا تفتني ببنات الأصفر، فإني أخاف أن افتتن بهن. فقال: قد أذنت لك. فأنزل الله تعالى (ومنهم من يقول ائذن لي) الآيات، عن ابن عباس، ومجاهد. فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لبني سلمة: من سيدكم؟ قالوا: جد بن قيس غير أنه بخيل جبان! فقال عليه السلام: وأي داء أدوى من البخل، بل سيدكم الفتى الأبيض الجعد بشر بن البراء بن المعرور.
فقال في ذلك حسان بن ثابت:
وقال رسول الله، والقول لاحق، بمن قال منا: من تعدون سيدا فقلنا له: جد بن قيس على الذي نبخله فينا، وإن كان أنكدا فقال: وأي الداء أدوى من الذي رميتم به جدا، وإن كان أمجدا وسود بشر بن البراء لجوده، وحق لبشر ذي الندا أن يسودا إذا ما أتاه الوفد أنهب ماله، وقال: خذوه إنه عائد غدا المعنى: (ومنهم) أي: ومن المنافقين (من يقول ائذن لي) في القعود عن الجهاد (ولا تفتني) ببنات الأصفر، عن ابن عباس، ومجاهد. قال الفراء: سميت الروم أصفر لأن حبشيا غلب على ناحية الروم، وكان له بنات قد أخذن من بياض الروم، وسواد الحبشة، فكن صفرا لعسا (1). وقيل: معناه لا تؤثمني أي: لا توقعني في الإثم بالعصيان لمخالفة أمرك بالخروج إلى الجهاد، وذلك غير متيسر لي، عن الحسن، وقتادة، والجبائي، والزجاج (ألا في الفتنة سقطوا) معناه: ألا في العصيان والكفر وقعوا بمخالفتهم أمرك في الخروج والجهاد. وقيل: معناه لا تعذبني بتكليف الخروج في شدة الحر. ألا قد سقطوا في حر أعظم من ذلك وهو حر نار جهنم، عن أبي مسلم، ويدل عليه قوله (وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا).
(وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) أي: ستحيط بهم فلا مخلص لهم منها (إن تصبك حسنة تسؤهم) هذا خطاب من الله سبحانه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومعناه: إن تنلك نعمة من الله، وفتح وغنيمة يحزن المنافقون (وإن تصبك مصيبة) معناه: وإن تصبك شدة، ونكبة، وآفة في النفس، أو المال (يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل) أي:
أخذنا حذرنا، واحترزنا بالقعود من قبل هذه المصيبة، عن مجاهد. ومعناه: أخذنا