إلا الله تعالى (ولا أقول إني ملك) فأخبركم بخبر السماء من قبل نفسي، وإنما أنا بشر لا أعلم الأشياء من غير تعليم الله تعالى. وقيل: معناه لا أقول إني روحاني غير مخلوق من ذكر وأنثى، بل أنا بشر مثلكم خصني الله بالرسالة (ولا أقول للذين تزدري أعينكم) أي: لا أقول لهؤلاء المؤمنين الذين تستقلونهم، وتستخفونهم، وتحتقرهم أعينكم، لما ترون عليهم من زي الفقراء (لن يؤتيهم الله خيرا) أي: لا يعطيهم الله في المستقبل خيرا على أعمالهم، ولا يثيبهم عليها، بل أعطاهم الله كل خير في الدنيا من التوفيق، ويعطيهم كل خير في الآخرة من الثواب (الله أعلم بما في أنفسهم) أي: بما في قلوبهم من الإخلاص وغيره (إني إذا لمن الظالمين) إن طردتهم، تكذيبا لظاهر إيمانهم، أو قلت فيهم غير ما أعلم.
(قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين (32) قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بعاجزين (33) ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون (34) أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلى إجرامي وأنا برئ مما تجرمون (35).
اللغة: الجدال، والمجادلة: المقابلة بما يفتل الخصم من مذهبه بحجة أو شبهة، وهو من الجدل: شدة الفتل. ويقال للصقر أجدل لأنه من أشد الجوارح.
والجدال، والمراء بمعنى، غير أن المراء مذموم لأنه مخاصمة في الحق بعد ظهوره، كمري الضرع بعد دروره. وليس كذلك الجدال. والفرق بين الحجاج والجدال أن المطلوب بالحجاج ظهور الحجة، والمطلوب بالجدال الرجوع عن المذهب.
والإعجاز هو الفوت بالهرب. والفرق بين افتراء الكذب، وقول الكذب أن قول الكذب قد يكون على وجه تقليد الانسان فيه لغيره. وأما افتراء الكذب فهو افتعاله من قبل نفسه. وأجرم، وجرم بمعنى قال:
طريد عشيرة، ورهين ذنب بما جرمت يدي، وجنى لساني