للمؤمنين، وأمر لهم، بأن يدوموا على الإيمان، ويتمسكوا به في مستقبل الأوقات، ويدخل فيه المنافق، ويتناوله الأمر بأن يستأنف الإيمان، ويترك النفاق (وجاهدوا مع رسوله) أي: اخرجوا إلى الجهاد معه، فكأنه قال: آمنوا أنتم وادعوا إلى الإيمان غيركم (استأذنك) أي: طلب الإذن منك في القعود (أولوا الطول) أي: أولو المال، والقدرة، والغنى، عن ابن عباس، وغيره (منهم) أي: من المنافقين.
(وقالوا ذرنا) أي: دعنا (نكن مع القاعدين) أي: المتخلفين عن الجهاد من النساء والصبيان، وإنما لحق هؤلاء الذم لأنهم أقوى على الجهاد (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف) أي: رضوا لنفوسهم أن يقعدوا مع النساء، والصبيان، والمرضى، والمقعدين (وطبع على قلوبهم) ذكرنا معنى الطبع فيما تقدم، قال الحسن: هؤلاء قوم قد بلغوا الحد الذي من بلغه مات قلبه (فهم لا يفقهون) أوامر الله ونواهيه، ولا يتدبرون الأدلة.
ثم مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين فقال سبحانه: (لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم) ينفقونها في سبيل الله ومرضاته (وأنفسهم) يقاتلون الكفار. ثم أخبر سبحانه عما أعد لهم من الجزاء على انقيادهم لله ورسوله فقال (وأولئك لهم الخيرات) من الجنة ونعيمها. وقيل: الخيرات: المنافع والمدح والتعظيم في الدنيا، والثواب والجنة في الآخرة (وأولئك هم المفلحون) أي: الظافرون بالوصول إلى البغية (أعد الله لهم) أي: هيأ وخلق لهم (جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها) مضى تفسيره في غير موضع (ذلك) إشارة إلى ما تقدم ذكره (الفوز العظيم) والفوز: النجاة من الهلكة إلى حال النعمة، وسميت المهلكة مفازة، تفاؤلا لها بالنجاة، وإنما وصفه بالعظيم، لأنه حاصل على وجه الدوام، وبالاعزاز، والإجلال، والإكرام.
(وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم وقعد الذين كذبوا الله ورسوله، سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم (90).
القراءة: قرأ يعقوب وقتيبة: (المعذرون) بسكون العين، وتخفيف الذال، وهي قراءة ابن عباس، والضحاك، ومجاهد. والباقون: بفتح العين، وتشديد الذال.