مأخوذ من النزل: وهو الطعام. وقيل: خير المنزلين للأمور منازلها، فتدخل فيه الضيافة وغيرها. مأخوذ من المنزل: وهو الدار (فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي) أي: ليس لكم عندي طعام أكيله عليكم. والمراد بالكيل: المكيل (ولا تقربون) أي: ولا تقربوا داري وبلادي. خلط عليه السلام، الوعد بالوعيد (قالوا سنراود عنه أباه) أي: نطلبه ونسأله أن يرسله معنا. قال ابن عباس: معناه نستخدعه عنه حتى يخرجه معنا. (وإنا لفاعلون) ما أمرتنا به. قال: وكان يوسف أمر ترجمانا يعرف العبرانية أن يكلمهم، وكان لا يكلمهم بنفسه، ليشبه عليه، فإنهم لو عرفوه ربما كانوا يهيمون في الأرض حياء من أبيهم، فيتركون خدمته، وكان في معرفتهم إياه مفسدة.
(وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم) أي: قال يوسف لعبيده وغلمانه الذين يكيلون الطعام، عن قتادة وغيره. وقيل: لأعوانه: اجعلوا ثمن طعامهم، وما كانوا جاؤوا به في أوعيتهم. وقيل: كانت بضاعتهم النعال والأدم. وقيل: كانت الورق، عن قتادة. (لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم) أي: لعلهم يعرفون متاعهم إذا رجعوا إلى أهلهم (لعلهم يرجعون) بعد ذلك لطلب الميرة مرة أخرى.
وإنما فعل ذلك ليعرفوا أن يوسف إنما فعل ذلك إكراما لهم، ليرجعوا إليه. وقيل:
إنه خاف أن لا يكون عندهم من الورق ما يرجعون به مرة أخرى، عن الكلبي.
وقيل: إنه رأى لؤما أخذ ثمن الطعام من أبيه وإخوته مع حاجتهم إليه، فرده عليهم من حيث لا يعلمون، تفضلا وكرما. وقيل: فعل ذلك لأنه علم أن ديانتهم وأمانتهم تحملهم على رد بضاعتهم إذا وجدوها في رحالهم، ولا يعرفون أن الملك أمر بذلك، فيرجعون ليردوا ذلك عليه. ومتى قيل: كيف لم يعرفهم يوسف نفسه، مع علمه بشدة حزن أبيه، وقلقه واحتراقه على ألم فراقه؟ فالجواب: إنه لم يؤذن له في التعريف استتماما للمحنة عليه وعلى يعقوب. ولما علم الله تعالى من الحكمة والصلاح في تشديد البلية، تعريضا للمنزلة السنية. وقيل: إنما لم يعرفهم بنفسه، لأنهم لو عرفوه، ربما لم يرجعوا إليه، ولم يحملوا أخاه إليه. والأول هو الوجه الصحيح.
(فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون (63) قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم