ولو جاء منه فعل مصرفا، لكان آه يؤوه أوها، مثل قال يقول قولا، والعرب تقول: أوه من كذا، بكسر الواو، وتسكين الهاء، قال:
فأوه بذكراها إذا ما ذكرتها، * ومن بعد أرض دونها، وسماء والعامة تقول: أوه، وفيه خمس لغات: أوه بسكون الواو وكسر الهاء، وأو، وآه بالتنوين، وأوه، وأوه.
المعنى: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) ومعناه: ليس للنبي والمؤمنين أن يطلبوا المغفرة للمشركين الذين يعبدون مع الله إلها آخر، والذين لا يوحدونه، ولا يقرون بإلهيته (ولو كانوا أولي قربى) أي: ولو كان الذين يطلبون لهم المغفرة أقرب الناس إليهم (من بعد ما بين لهم أنهم أصحاب الجحيم) أي:
من بعد أن يعلموا أنهم كفار مستحقون للخلود في النار.
وفي تفسير الحسن: إن المسلمين قالوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: ألا تستغفر لآبائنا الذين ماتوا في الجاهلية؟ فأنزل الله سبحانه هذه الآية، وبين أنه لا ينبغي لنبي، ولا مؤمن، أن يدعو لكافر، ويستغفر له وقوله: (ما كان للنبي) أبلغ من أن يقول لا ينبغي للنبي، لأنه يدل على قبحه، وأن الحكمة تمنع منه، ولو قال لا ينبغي، لم يدل على أن الحكمة تمنع منه، وإنما كان يدل على أنه لا ينبغي أن يختاره، ومعناه: لم يجعل الله في دينه، ولا في حكمه أن يستغفرون للمشركين، ولو دعتهم رقة القرابة، وشفقة الرحم إلى الاستغفار لهم بعد ما ظهر (أن لهم عذابا عظيما) ثم بين سبحانه الوجه في استغفار إبراهيم لأبيه مع كونه كافرا سواء كان أباه الذي ولده، أو جده لأمه، أو عمه على ما رواه أصحابنا، فقال: (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه) أي: لم يكن استغفاره له إلا صادرا عن موعدة وعدها إياه.
واختلف في صاحب هذه الموعدة: هل هو إبراهيم وأبوه، فقيل: إن الموعدة كانت من الأب، وعد بها إبراهيم، أنه يؤمن إن استغفر له لذلك (فلما تبين له أنه عدو لله) ولا يفي بما وعد (تبرأ منه) وترك الدعاء له، وهو المروي عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، إلا أنهم قالوا: إنما تبين عداوته لما مات على كفره. وقيل: إن الموعدة كانت من إبراهيم قال لأبيه: إني استغفر لك ما دمت حيا، وكان يستغفر له