التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٣٢٦
الباقون بالنون من قرأ بالياء حمله على قوله: " ومن يفعل ". ومن قرأ بالنون حمله على المعنى.
أخبر الله تعالى: أنه لا خير في كثير من نجوى الناس جميعا. والنجوى هو ما ينفرد به الاثنان أو الجماعة سرا كان أو جهرا. ويقال: نجوت الشئ: إذا خلصته وألقيته. يقال: نجوت الجلد: إذا ألقيته عن البعير، وغيره قال الشاعر:
فقلت انجوا عنها نجا الجلد إنه * سيرضيكما منها سنام وغاربه (1) ونجوت فلانا: إذا استنكهته قال الشاعر:
نجوت مجالدا فوجدت منه * كريح الكلب مات حديث عهد (2) ونجوت الوتر واستنجيته إذا خلصته كما قال الشاعر:
فتبازت فتبازخت لها * جلسة الأعسر يستنجي الوتر (3) وأصله كله من النجوة، وهوما ارتفع من الأرض، قال الشاعر يصف سيلا:
فمن بنجوته كمن بعقوته * والمستكن كمن يمشي بقرواح (4) ويقول: ما أنجا فلان شيئا وما نجا شيئا منذ أيام إذا لم يتغوط. والتقدير في الآية " لا خير في كثير " مما يديرونه بينهم من الكلام " إلا " كلام " من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ".
[الاعراب]:
قال الزجاج يحتمل موضع من نصبا وأن يكون خفضا، فالخفض على إلا في نجوى من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح. والنصب على أن يكون استثناء منقطعا بمعنى لكن كأنه قال: لكن من أمر بصدقة أو معروف ففي نجواه خير.
وطعن بعضهم على الوجه الأول بأن قال لا يجوز أن يعطف بالأعلى الهاء والميم في مثل هذا الموضع من أجل أنه لم ينله الجحد. وقال الفراء: يحتمل الخفض على

(1) لسان العرب: (نجا) (2) انظر: 218، اللسان (بحا) (3) اللسان " نجا " ويروى. جلسة الجازر. قائله عبد الرحمن بن حسان.
(4) قائله عبيد بن الأبرص. مر في 1: 218. اللسان نجا
(٣٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 ... » »»
الفهرست