أحدها - قال الرماني: إن الله يجدد لهم جلودا غير الجلود التي احترقت وتعدم المحترقة على ظاهر القرآن من أنها غيرها، لأنها ليست بعض الانسان. قال قوم هذا لا يجوز، لأنه يكون عذب من لا يستحق العذاب. قال الرماني: لا يؤدي إلى ذلك، لان ما يزاد لايألم، ولا هو بعض لما يألم، وإنما هو شئ يصل به الألم إلى المستحق له. وقال الجبائي: لا يجوز أن يكون المراد ان يزاد جلدا على جلده، كلما نضجت لأنه لو كان كذلك لوجب أن يملا جسد كل واحد من الكفار جهنم إذا أدام الله العقاب، لأنه كلما نضجت تلك الجلود زاد الله جلدا آخر، فلا بد أن ينتهي إلى ذلك.
والجواب الثاني - اختاره البلخي والجبائي، والزجاج: ان الله تعالى يجددها بان يردها إلى الحالة التي كانت عليها غير محترقة، كما يقال جئتني بغير ذلك الوجه وكذلك، إذا جعل قميصه قباء جاز إن يقال جاء بغير ذلك اللباس أو غير خاتمه فصاغه خاتما آخر جاز أن يقال هذا غير ذلك الخاتم، وهذا هو المعتمد عليه.
والثالث - قال قوم: إن التبديل إنما هو للسرابيل التي ذكرها التي ذكرها الله في قوله:
" سرابيلهم من قطران " (1) فاما الجلود فلو عذبت ثم أوجدت، لكان فيه تفتير عنهم، وهذا بعيد، لأنه ترك للظاهر وعدول بالجلود إلى السرابيل، ولا نقول إن الله تعالى يعدم الجلود، بل على ما قلناه يجددها ويطريها بما يفعل فيها من المعاني التي تعود إلى حالتها، فاما من قال: إن الانسان غير هذه الجملة، وأنه هو المعذب، فقد تخلص من هذا السؤال. ويقوي ما قلناه ان أهل اللغة يقولون: أبدلت الشئ بالشئ إذا أزلت عينا بعين، كما قال الراجز:
عزل الأمير بالأمير المبدل وبدلت - بالتشديد - إذا غيرت هيئة، والعين واحدة. يقولون: بدلت جتي قميصا: إذا جعلنها قميصا ذكره المغربي، وقال البلخي: ويحتمل وجها آخر وهو أن يخلق الله لهم جلدا آخر فوق جلودهم، فإذا احترق التحتاني أعاده الله.