أبي جعفر (ع).
الثاني - قال الحسن: بغير استحقاق من طريق الاعواض. وكان الرجل يتحرج أن يأكل عند أحد من الناس بعد ما نزلت هذه الآية، إلى أن نسخ ذلك بقوله في سورة النور: " ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم.. " إلى قوله: " جميعا أو أشتاتا " (1) والأول أقوى، لان ما أكل على وجه مكارم الأخلاق فليس هو أكل بالباطل. وقيل: معناه التخاون، ولذلك قال: " بينكم ".
وقوله: " إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم " فيه دلالة على بطلان قول من حرم المكاسب، لأنه تعالى حرم أكل الأموال بالباطل، وأحله بالتجارة على طريق المكاسب. ومثل قوله: " وأحل الله البيع وحرم الربا " (2) وقيل في معنى التراضي بالتجارة قولان:
أحدهما - إمضاء البيع بالتفرق، أو بالتخاير بعد العقد في قول شريح، وابن سيرين، والشعبي، لقوله صلى الله عليه وآله: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يكون بيع خيار. وربما قالوا: أو يقول أحدهما للآخر اختر، وهو مذهبنا.
الثاني - إمضاء البيع بالعقد - على قول مالك بن أنس، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، - ومحمد - بعلة رده إلى عقد النكاح، ولا خلاف أنه لا خيار فيه بعد الافتراق، وقيل: معناه إذا تغابنوا فيه مع التراضي فإنه جائز.
وقوله: " ولا تقتلوا أنفسكم " قيل فيه: ثلاثة أقوال:
أحدها - قال عطاء، والسدي، وأبو علي الجبائي، والزجاج: لا يقتل بعضهم بعضا من حيث كانوا أهل دين واحد، فهم كالنفس الواحدة، كما يقول القائل: قتلنا ورب الكعبة، ومعناه قتل بعضنا، لأنه صار كالقتل لهم، ومثله قوله: " فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم " (3).
الثاني - قال البلخي: فيه نهي عن قتل نفسه في حال غضب، أو زجر، (1) سورة النور: آية 61.
(2) سورة البقرة: آية 275.
(3) سورة النور: آية 61.