ابن أبي سليمان: قالت كان النعمان ببابنا يندف قطننا، ويشرى لبننا وبقلنا، وما أشبه ذلك، فكان إذا جاء الرجل يسأله عن المسألة، قال: ما مسألتك؟ قال: كذا. وكذا، قال: الجواب فيها، كذا، ثم يقول: على رسلك، فيدخل إلى حماد، فيقول له: جاء رجل، فسال عن كذا، فأجبته بكذا، فما تقول أنت؟، فقال: حدثونا بكذا، وقال أصحابنا، كذا، وقال: إبراهيم كذا، فيقول: فأروي عنك؟ فيقول: نعم. فيخرج، فيقول: قال حماد، كذا، ا ه. هكذا كانت ملازمة بعضهم لبعض، وخدمة بعضهم لبعض، أوان الطلب، وبهذا نالوا بركة العلم. وقد أخرج ابن عدي في " الكامل " بطريق يحيى بن معين عن جرير عن مغيرة، قال: قال حماد بن أبي سليمان: " لقيت قتادة. وطاوسا. ومجاهدا، فصبيانكم أعلم منهم، بل صبيان صبيانكم أعلم منهم " إنما قاله هذا تحديثا بالنعمة، وردا على بعض شيوخ الرواية، ممن لم يؤت نصيبا من الفقه، حيث كان يفتى في مسجد الكوفة، غلطا، ويقول: لعل هناك صبيانا يخالفوننا، في هذه الفتاوى، وماذا يفيد تقادم السن في الروايد لمن حرم الدراية، ويريد بالصبيان التلاميذ. وقد أخرج ابن عدي في " الكامل " بطريق يحى بن معين عن ابن إدريس عن الشيباني عن عبد الملك بن إياس الشيباني، أنه قال: قلت لإبراهيم: من نسال بعدك؟
قال: حمادا، ا ه، وحماد بن أبي سليمان هذا، توفى سنة 120.
وقال العقيلي: حدثنا بن محمود الهروي، قال: حدثنا محمد بن المغيرة البلخي، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن سليمان الأصبهاني، قال: لما مات إبراهيم اجتمع خمسة من أهل الكوفة، فيهم عمر بن قيس الماصر. وأبو حنيفة، فجمعوا أربعين ألف درهم، وجاءوا إلى الحكم بن عتيبة، فقالوا: إنا قد جمعنا أربعين ألف درهم، نأتيك بها، وتكون رئيسنا؟، فأبى عليهم الحكم، فاتوا حما بن أبي سليمان، فقالوا، فأجابهم، ا ه، وبهذا القدر نكتفي من إنباء هذه الطبقة، لكثرة رجالها، وتشعب أنبائها، مقتصرا على سوق خبرين، مما يدل على اتساع الكوفة في الرواية والدراية، في تلك الطبقة.
قال أبو محمد الرامهرمزي في " الفاصل ": حدثنا الحسين بن نبهان ثنا سهيل بن عثمان ثنا حفص بن غياث عن أشعث عن أنس بن سيرين، قال: أتيت الكوفة، فرأيت فيها أربعة آلاف يطلبون الحديث، وأربعمائة قد فقهوا، ا ه. وفى أي مصر من أمصار المسلمين، غير الكوفة، تجد مثل هذا العدد العظيم للمحدثين. والفقهاء. وفى هذا ما يدل على أن الفقيه مهمته شاقة جدا، فلا يكثر عدده كثرة عدد النقلة. وقال الرامهرمزي أيضا: حدثنا عبد الله بن أحمد بن معدان ثنا مذكور بن سليمان الواسطي، قال: سمت عفان يقول - وسمع قوما يقولون: نسخنا كتب فلان، ونسخنا كتب فلان -، فسمعته يقول: نرى هذا الضرب من الناس لا يفلحون، كنا ناتى هذ فنسمع