ه، وأسكن حولها الفصح من قبائل العرب، وبعث عمر رضي الله عنه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، إلى الكوفة، ليعلم أهلها القرآن، ويفقههم في الدين، قائلا لهم: " وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي " وعبد الله هذا منزلته في العلم بين الصحابة عظيمة جدا، بحيث لا يستغنى عن علمه - مثل عمر - في فقهه، ويقظته، وهو الذي يقول فيه عمر: " كنيف ملئ فقها "، وفى رواية: " علما "، وفيه ورد حديث: " إني رضيت لامتي، ما رضى لها ابن أم عبد ". وحديث: " وتمسكوا بعهد ابن مسعود ".
وحديث: " من أراد أن يقرأ القرآن غضا، كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد "، وقال النبي صلوات الله عليه: " خذوا القرآن من أربعة "، وذكر ابن مسعود في صدر الأربعة، وقال حذيفة رضي الله عنه: " كان أقرب الناس هديا، ودلا، وسمتا برسول الله صلى الله عليه وسلم ابن مسعود، حتى يتوارى منا في بيته، ولقد علم المحفظون من أصحاب ممد أن ابن أم عبد، هو أقربهم إلى الله زلفى "، وحذيفة، وما ورد في فضل ابن مسعود، في - كتب السنة - شئ كثير جدا، فابن مسعود هذا عنى بتفقيه أهل الكوفة، وتعليمهم القرآن، من سنة بناء الكوفة بالقراء، والفقهاء المحدثين، بحيث أبلغ بعض ثقات أهل العلم عدد من تفقه عليه، وعلى أصحابه، نحو أربعة آلاف عالم، وكان هناك معه أمثال سعد بن مالك - أبى وقاص - وحذيفة. وعمار. وسلمان. وأبي موسى، من أصفياء الصحابة رضي الله عنهم، يساعدونه في مهمته، حتى إن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، لما انتقل إلى الكوفة، سر من كثرة فقهائها، وقال: " رحم الله ابن أم عبد، قد ملا هذه القرية علا "، وفى لفظ: " أصحاب ابن مسعود، سرج هذه القرية " ولم يكن باب مدينة العلم، بأقل عناية بالعلم منه، فوالى تفقيههم، إلى أن أصبحت الكوفة لا مثيل لها في أمصار المسلمين، في كثرة فقهائها، ومحدثيها والقائمين بعلوم القرآن، وعلوم اللغة العربية فيها، بعد أن اتخذها علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، عاصمة الخلافة، وبعد أن انتقل إليها أقوياء الصحابة، وفقهاؤهم، وبينما ترى محمد بن الربيع الجيزي. والسيوطي لا يستطيعان أن يذكرا من الصحابة الذين نزلوا مصر إلا نحو ثلاثمائة صحابي، تجد العجلي يذكر أنه توطن الكوفة وحدها، من الصحابة، نحو ألف وخمسمائة صحابي، بينهم نحو سبعين بدريا، سوى من إقام بها، ونشر العلم بين ربوعها، ثم انتقل إلى بلد آخر، فضلا عن باقي بلاد العراق، وما يروى عن ربيعة.
ومالك من الكلمات البتراء في أهل العاق، ليس بثابت عنهما أصلا، وجل مقدارهما عن مثل تلك المجازفة، ولسنا في حاجة هنا إلى شرح ذلك، فنكتفي بالإشارة، فكبار أصحاب على. وابن مسعود رضي الله عنهما بها، ولو دونت تراجمهم في كتاب خاص لاتى كتابا ضخما، والمجال واسع جدا لمن يريد أن يؤلف في هذا الموضوع، وقد قال مسروق بن الأجدع التابعي الكبير: " وجدت علم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ينتهى إلى