على أصله فان بن إسحاق عنده ثقة ولم يعرض له الضعف إلا من جهة معارضة غيره له، قال الشيخ في الإمام والتعارض بينهما لا يتحقق إلا بتقدير أن يكون قوله إن بلالا يؤذن بليل في سائر العام وليس كذلك إنما كان ذلك في رمضان والذي يقال في هذا الخبر: إنه حسن، انتهى.
أحاديث الخصوم أخرج البخاري ومسلم عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بن أم مكتوم وفي الصحيحين أيضا عن بن عمر وعائشة قالا كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان بلال وابن أم مكتوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بن أم مكتوم انتهى.
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن أبي عثمان النهدي عن بن مسعود ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره فإنه يؤذن أو قال ينادي بليل ليرجع قائمكم وينتبه نائمكم وليس الفجر أن يقول وقال بإصبعيه فرفعها إلى فوق وطأطأ إلى أسفل حتى يقول هكذا وقال زهير بسبابتيه إحداهما فوق الأخرى ثم مدها عن يمينه وشماله انتهى وقد تأول الطحاوي أحاديث إن بلالا يؤذن بليل فان ذلك كان منه خطأ على ظن طلوع الفجر واستدل عليه بحديث لا يغرنكم أذان بلال فإن في بصره سوءا وقد تقدم وحديث أخرجه هو عن بن لهيعة عن سالم عن سليمان بن أبي عثمان انه حدثه عن عدي بن حاتم عن أبي ذر قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال إنك تؤذن إذا كان الفجر ساطعا وليس ذلك الصبح إنما الصبح هكذا: معترضا انتهى قال الطحاوي فأخبر عليه السلام أنه كان يؤذن بطلوع ما يرى أنه الفجر وليس في الحقيقة بفجر قال: وقد روينا عن عائشة أنه عليه السلام قال: إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي بن أم مكتوم قالت ولم يكن بينهما إلا مقدار ما ينزل هذا ويصعد هذا فلما كان بين أذانهما من القرب ما ذكرنا ثبت أنهما كانا يقصدان وقتا واحدا وهو طلوع الفجر لكن بلال يخطئه ويصيبه بن أم مكتوم لأنه لم يكن يفعل حتى يقول له الجماعة أصبحت أصبحت.