مع أبي حنيفة، إنه لفقيه يا مصري "، ا ه. وقد ذكرت وجوه استمداد باقي المذاهب من مذهبه رضي الله عنه، في " بلوغ الأماني "، فلا أعيد الكلام هنا، وكان أجلى مميزات مذهب أبي حنيفة، أنه مذهب شورى، تلقته جماعة عن جماعة، إلى الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، بخلاف سائر المذاهب. فإنها مجموعة آراء لأئمتها.
قال ابن أبي العوام: حدثني الطحاوي. كتب إلى ابن أبي ثور، قال: أخبرني، نوح أبو سفيان، قال لي المغيرة بن حمزة: كان أصحاب أبي حنيفة الذين دونوا معه الكتب أربعين رجلا. كبراء الكبراء ا ه. وقال ابن أبي العوام أيضا: حدثني الطحاوي، كتب إلى محمد بن عبد الله بن أبي ثور " الرعيني " حدثني سليمان بن عمران حدثني أسد بن الفرات، قال: كان أصحاب أبي حنيفة الذين دونوا الكتب أربعين رجلا، فكان في العشرة المتقدمين: أبو يوسف. وزفر بن الهذيل. وداود الطائي. وأسد بن عمرو. ويوسف بن خالد السمتي " أحد مشايخ الشافعي ": ويحيى ابن زكريا بن أبي زائدة، وهو الذي كان يكتبها لهم ثلاثين سنة، ا ه. وبهذا السند إلى أسد بن الفرات، قال: قال لي أسد بن عمرو: كانوا يختلفون عند أبي حنيفة في جواب المسألة، فيأتي هذا بجواب: وهذا بجواب، ثم يرفعونها إليه، ويسألونه عنها، فيأتي الجواب من كثب - أي من قرب -، وكانوا يقيمون في المسألة ثلاثة أيام، ثم يكتبونها في الديوان، ا ه. قال الصيمري: حدثنا أبو العباس، أحمد بن محمد المكي ثنا علي بن محمد النخعي ثنا إبراهيم بن محمد البلخي ثنا محمد ابن سعيد الخوارزمي ثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: كان أصحاب أبي حنيفة يخوضون معه في المسألة، فإذا لم يحضر عافية - ابن يزيد القاضي -، قال أبو حنيفة: لا ترفعوا المسألة حتى يحضر عافية، فإذا حضر عافية ووافقهم، قال أبو حنيفة: أثبتوها، وإن لم يوافقهم، قال أبو حنيفة، لاخرى سواها، ا ه. وقال يحيى بن معين في " التاريخ ".
و " العلل ": رواية الدوري عنه في - ظاهرية دمشق -: قال أبو نعيم " الفضل بن دكين " سمعت زفر، يقول: كنا نختلف إلى أبي حنيفة، معنا أبو يوسف. ومحمد ابن الحسن، فكنا نكتب عنه، قال زفر: فقال يوما أبو حنيفة، لأبي يوسف: " ويحك يا يعقوب، لا تكتب كل ما تسمع منى، فانى قد أرى الرأي اليوم، وأتركه غدا، وأرى الرأي غدا، وأتركه في غده "، ا ه. انظر كيف كان ينهى أصحابه عن تدوين المسائل، إذا تعجل أحدهم بكتابتها قبل تمحيصها كما يجب، فإذا أحطت خبرا، بما سبق علمت صدق ما يقوله الموفق المكي: ص 133 - 2. حيث قال، بعد أن ذكر كبار أصحاب أبي حنيفة: وضع أبو حنيفة مذهبه شورى بينهم، لم يستبد فيه بنفسه دونهم، اجتهادا منه في الدين. ومبالغة في النصيحة لله. ورسوله. والمؤمنين، فكان يلقى المسائل مسالة مسالة، ويسمع ما عندهم، ويقول ما عدنه، ويناظرهم شهرا، أو