لم يدر كوا عليا، ولا ابن مسعود، ولكنهم تفقهوا على أصحابهما، وجمعوا علوم علماء الأمصار إلى علومهم، وما ذكه ابن حزم، منهم نبذة يسيرة فقط، وعدد هؤلاء في غاية الكثيرة، وأمرهم في نهاية الشهرة، ولسنا بسبيل سرد أسمائهم، إلا أنا نلفت الانظار إلى عدد الذين خرجوا مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، على الحجاج الثقفي، في دير الجماجم، سنة 83 ه، من الفقهاء القراء خاصة من أهل الطبقتين، وبينهم أمثال:
(أ) أبى البختري سعيد بن فيروز. (ب) - وعبد الرحمن بن أبي يعلى. (ج) - والشعبي. (د) - وسعد بن جبير، قال الجصاص في " أحكام القرآن " ص 71 - 1:
وخرج عليه من القراء أربعة آلاف رجل، هم خيار التابعين، وفقهائهم، فقاتلوه مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، ا ه.
فإذا نظرت إلى علماء سائر الأمصار (1) يعد من أحسنهم حالا من يهاجر أباه، ومن يقبل جوائز الحكام، ويساير أهل الحكم، وقل بينهم من يخطر له على بال مقاومة الظلم، وبذل كل مرتخص وغال في هذا السبيل، فبذلك أصبحت أحوال الكوفة في أمر الدين. والخلق. والفقه. وعلم الكتاب. والسنة. واللغة العربية ماثلة أمام الباحث المنصف، فيكم بما تمليه النصفة، في الموازنة بين علماء الأمصار. وهذا مما يجعل للكوفة مركزا لا يسامى على توالي القرون، ولولا ذلك لما كانت الكوفة معقل أهل الدين، يفر إليها المضطهدون، طول أيام الجور، في عهد الأموية.
وسعيد بن جبير وحده، جمع علم ابن عباس إلى علمه حتى إن ابن عباس كان يقول، حينما رأى أهل الكوفة يأتونه ليستفتوه: أليس فيكم ابن أم الدهماء؟ يعنى " ابن جبير "، يذكرهم ما خصه الله من العلم الواسع، بحث يغنى علمه أهل الكوفة، عن علم ابن عباس.
وإبراهيم بن يزيد النخعي من أهل هذه الطبقة، قد جمع أشتات علوم هاتين الطبقتين، بعد أن تفقه على علقمة، قال أبو نعيم: أدرك إبراهيم أبا سعيد الخدري وعائشة. ومن بعدهما، من الصحابة رضي الله عنهم، ا ه.
وعامر بن شراحيل الشعبي، الذي يقول عنه ابن عمر، لما رآه يحدث بالمغازي:
" لهو أحفظ لها منى، وإن كنت قد شهدتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم "، يفضل أبا عمران إبراهيم النخعي هذا، على علماء الأمصار كلها، حيث يقول لرجل حضر جنازته، عندما توفى سنة 95 ه: " دفنتم أفقه الناس "، فقال الرجل: من الحسن؟ قال: أفقه من الحسن، ومن أهل البصرة، ومن أهل الكوفة، وأهل الشام، وأهل الحجاز، كما أخرجه أبو نعيم بسنده إليه. وأهل النقد يعدون مراسيل النخعي صحاحا، بل يفضلون