بعنوان أصحاب الرأي، ويعد فيهم الأوزاعي. وسفيان الثوري. ومالك بن أنس رضي الله عنهم، وكذلك تجد الحافظ محمد بن الحارث الخشني، يذكر أصحاب مالك في " قضاة قرطبة " باسم أصحاب الرأي، وهكذا يفعل أيضا الحافظ أبو الوليد بن الفرضي في " تاريخ علماء الأندلس "، وكذلك الحافظ أبو الوليد الباجي، يقول في شرح حديث الداء العضال من " الموطأ " في صدد الرد على ما يرويه النقلة عن مالك، في تفسير الداء العضال: ولم يرو مثل ذلك عن مالك أحد من أهل الراء من أصحابه " يعنى أهل الفقه، من أصحاب مالك " إلى غير ذلك، مما لا حاجة إلى استقصائه هنا.
وبهذا يتبين إن تنزيل الآثار الواردة في ذم " الرأي عن هوى " في فقه الفقهاء، وفى ردهم النوازل التي لا تنتهي إلى انتهاء تاريخ البشر، إلى المنصوص في كتاب الله، وسنة رسوله، إنما هو هوى بشع، تنبذه حجج الشرع، وأما تخصيص الحنفية بهذا الاسم، فلا يصح إلا بمعنى البراعة البالغة في الاستنباط، فالفقه حيثما كان يصحبه الرأي، سواء كان في المدينة أو في العراق، وطوائف الفقهاء كلهم إنما يختلفون في شروط الاجتهاد، بما لاح لهم من الدليل، وهم متفقون في الاخذ بالكتاب. والسنة. والاجماع.
والقياس، ولا يقتصرون على واحد منها. وأما أهل الحديث فهم الرواة النقلة، وهم الصيادلة، كما أن الفقهاء هم الأطباء، كما قال الأعمش، فإذا اجترأ على الافتاء أحد الرواة الذين لم يتفقهوا، يقع في مهزلة، كما نص الرامهرمزي في " الفاصل ". وابن الجوزي في " التلبيس ". و " أخبار الحمقى ". والخطيب في " الفقيه والمتفقه "، على نماذج من ذلك، فذكر مدرسة للحديث هنا، مما لا معنى له (1)، قال سليمان بن عبد القوى الطوفي الحنبلي في شرح " مختصر الروضة " - في أصول الحنابلة: " وأعلم أن أصحاب الرأي بحسب الإضافة، هم كل من تصرف في الاحكام بالرأي، فيتناول جميع علماء الاسلام، لان كل واحد من المجتهدين لا يستغنى في اجتهاده عن نظر ورأي، ولو بتحقيق المناط، وتنقيحه الذي لا نزاع في صحته، وأما بحسب العلمية فهو في عرف السلف " من الرواة " بعد محنة خلق القرآن، علم على أهل العراق، وهم أهل الكوفة، وأبو حنيفة، ومن تابعه منهم... وبالغ بعهم في التشنيع عليه... وإني، والله لا أرى إلا عصمته مما قالوه، وتنزيهه عما إليه نسبوه، وجملة القول فيه: إنه قطعا، لم يخالف السنة عنادا، وإنما خالف فيما خالف منها اجتهادا، بحجج واضحة، ودلائل صالحة لائحة، وحججه بين أيدي الناس موجودة، وقل أن ينتصف منها مخالفوه، وله بتقدير الخطأ أجر، وبتقدير الإصابة أجران، والطاعنون عليه إما حساد. أو جاهلون بمواقع الاجتهاد، وآخر ما صح عن الإمام أحمد رضي الله عنه إحسان القول فيه، والثناء عليه، ذكره أبو الورد من أصحابنا في " كتاب أصول الدين "، ا ه. وقال الشهاب بن