عنه الليث (قوله كان ربعة) بفتح الراء وسكون الموحدة أي مربوعا والتأنيث باعتبار النفس يقال رجل ربعة وامرأة ربعة وقد فسره في الحديث المذكور بقوله ليس بالطويل البائن ولا بالقصير والمراد بالطويل البائن المفرط في الطول مع اضطراب القامة وسيأتي في حديث البراء بعد قليل أنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعا ووقع في حديث أبي هريرة عند الذهلي في الزهريات باسناد حسن كان ربعة وهو إلى الطول أقرب (قوله أزهر اللون) أي أبيض مشرب بحمرة وقد وقع ذلك صريحا في حديث أنس من وجه آخر عند مسلم وعند سعيد بن منصور والطيالسي والترمذي والحاكم من حديث علي قال كان النبي صلى الله عليه وسلم أبيض مشربا بياضه بحمرة وهو عند ابن سعد أيضا عن علي وعن جابر وعند البيهقي من طرق عن علي وفي الشمائل من حديث هند بن أبي هالة أنه أزهر اللون (قوله ليس بأبيض أمهق) كذا في الأصول ووقع عند الداودي تبعا لرواية المروزي أمهق ليس بأبيض واعترضه الداودي وقال عياض انه وهم قال وكذلك رواية من روى أنه ليس بالأبيض ولا الآدم ليس بصواب كذا قال وليس بجيد في هذا الثاني لان المراد انه ليس بالأبيض الشديد البياض ولا بالآدم الشديد الأدمة وانما يخالط بياضه الحمرة والعرب قد تطلق على من كان كذلك أسمر ولهذا جاء في حديث أنس عند أحمد والبزار وابن منده باسناد صحيح وصححه ابن حبان ان النبي صلى الله عليه وسلم كان أسمر وقد رد المحب الطبري هذه الرواية بقوله في حديث الباب من طريق مالك عن ربيعة ولا بالأبيض الأمهق وليس بالآدم والجمع بينهما ممكن وأخرجه البيهقي في الدلائل من وجه آخر عن أنس فذكر الصفة النبوية قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض بياضه إلى السمرة وفي حديث يزيد الرقاشي عن ابن عباس في صفة النبي صلى الله عليه وسلم رجل بين رجلين جسمه ولحمه أحمر وفي لفظ أسمر إلى البياض أخرجه أحمد وسنده حسن وتبين من مجموع الروايات ان المراد بالسمرة الحمرة التي تخالط البياض وان المراد بالبياض المثبت ما يخالطه الحمرة والمنفى ما لا يخالطه وهو الذي تكره العرب لونه وتسميه أمهق وبهذا تبين ان رواية المروزي أمهق ليس بأبيض مقلوبة والله أعلم على أنه يمكن توجيهها بأن المراد بالأمهق الأخضر اللون الذي ليس بياضه في الغاية ولا سمرته ولا حمرته فقد نقل عن رؤبة ان المهق خضرة الماء فهذا التوجيه يتم على تقدير ثبوت الرواية وقد تقدم في حديث أبي جحيفة اطلاق كونه أبيض وكذا في حديث أبي الطفيل عند مسلم وفي رواية عند الطبراني ما أنسى شدة بياض وجهه مع شدة سواد شعره وكذا في شعر أبي طالب المتقدم في الاستسقاء * وأبيض يستسقي الغمام بوجهه * وفي حديث سراقة عند ابن إسحاق فجعلت أنظر إلى ساقه كأنها جمارة ولأحمد من حديث محرش الكعبي في عمرة الجعرانة أنه قال فنظرت إلى ظهره كأنه سبيكة فضة وعن سعيد بن المسيب انه سمع أبا هريرة يصف النبي صلى الله عليه وسلم فقال كان شديد البياض أخرجه يعقوب بن سفيان والبزار باسناد قوي والجمع بينهما بما تقدم وقال البيهقي يقال إن المشرب منه حمرة والى السمرة ما ضحى منه للشمس والريح وأما ما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر (قلت) وهذا ذكره ابن أبي خيثمة عقب حديث عائشة في صفته صلى الله عليه وسلم بأبسط من هذا وزاد ولونه الذي لا شك فيه الأبيض الأزهر وأما ما وقع في زيادات عبد الله بن أحمد في المسند من طريق علي أبيض مشرب شديد الوضح فهو مخالف
(٤١٣)