أتبعها بأحواله قبل الهجرة وما جرى له بمكة فذكر المبعث ثم اسلام الصحابة وهجرة الحبشة والمعراج ووفود الأنصار والهجرة إلى المدينة ثم ساق المغازي على ترتيبها عنده ثم الوفاة فهذا آخر هذا الباب وهو من جملة تراجم الأنبياء وختمها بخاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم (قوله وقول الله عز وجل يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى الآية) يشير إلى ما تضمنته هذه الآية من أن المناقب عند الله انما هي بالتقوى بان يعمل بطاعته ويكف عن معصيته وقد ورد في الحديث ما يوضح ذلك ففي صحيحي ابن خزيمة وابن حبان وتفسير ابن مردويه من رواية عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال خطب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فقال أما بعد يا أيها الناس فان الله قد أذهب عنكم عيبة الجاهلية وفخرها يا أيها الناس الناس رجلان مؤمن تقي كريم على الله وفاجر شقي هين على الله ثم تلا يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى ورجاله ثقات الا ان ابن مردويه ذكر أن محمد بن المقري راوية عن عبد الله بن رجاء عن موسى بن عقبة وهم في قوله موسى ابن عقبة وانما هو موسى بن عبيدة وابن عقبة ثقة وابن عبيدة ضعيف وهو معروف برواية موسى ابن عبيدة كذلك أخرجه ابن أبي حاتم وغيره وروى أحمد والحارث وابن أبي حاتم من طريق أبي نضرة حدثني من شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بمنى وهو على بعير يقول يا أيها الناس ان ربكم واحد وان أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لأسود على أحمر الا بالتقوى خيركم عند الله أتقاكم (قوله لتعارفوا) أي ليعرف بعضكم بعضا بالنسب يقول فلان بن فلان وفلان ابن فلان أخرجه الطبري عن مجاهد (قوله وقوله تعالى واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) قال ابن عباس أي اتقوا الأرحام وصلوها أخرجه ابن أبي حاتم عنه والأرحام جمع رحم وذوو الرحم الأقارب يطلق على كل من يجمع بينه وبين الآخر نسب والقراءة المشهورة والأرحام نصبا وعليها جاء التفسير وقرأ حمزة والأرحام بالجر واختلف في توجيهه فقيل معطوف على الضمير المجرور في به من غير إعادة الجار وهو جائز عند جمع ومنعه البصريون وقرأها ابن مسعود فيما قيل بالرفع فان ثبت فهو مبتدأ والخبر محذوف تقديره مما يتقي أو مما يسأل به والمراد بذكر هذه الآية الإشارة إلى الاحتياج إلى معرفة النسب أيضا لأنه يعرف به ذوو الأرحام المأمور بصلتهم وذكر ابن حزم في مقدمة كتاب النسب له فصلا في الرد على من زعم أن علم النسب علم لا ينفع وجهل لا يضر بان في علم النسب ما هو فرض على كل أحد وما هو فرض على الكفاية وما هو مستحب قال فمن ذلك ان يعلم أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ابن عبد الله الهاشمي فمن زعم أنه لم يكن هاشميا فهو كافر وان يعلم أن الخليفة من قريش وان يعرف من يلقاه بنسب في رحم محرمة ليجتنب تزويج ما يحرم عليه متهم وان يعرف من يتصل به ممن يرثه أو يجب عليه بره من صلة أو نفقة أو معاونة وان يعرف أمهات المؤمنين وان نكاحهن حرام على المؤمنين وان يعرف الصحابة وان حبهم مطلوب وان يعرف الأنصار ليحسن إليهم لثبوت الوصية بذلك ولان حبهم ايمان وبغضهم نفاق قال ومن الفقهاء من يفرق في الجزية وفي الاسترقاق بين العرب والعجم فحاجته إلى علم النسب آكد وكذا من يفرق بين نصارى بني تغلب وغيرهم في الجزية وتضعيف الصدقة قال وما فرض عمر رضي الله عنه الديوان الا على القبائل ولولا علم النسب ما تخلص له ذلك وقد تبعه على ذلك عثمان وعلي وغيرهما وقال ابن عبد البر في أول كتابه النسب ولعمري لم ينصف من زعم أن علم النسب علم
(٣٨٢)