بهذا الحديث على امامة الشافعي وتقديمه على غيره ولا حجة فيه لان المراد به هنا الخلفاء وقال القرطبي صحبت المستدل بهذا غفلة مقارنة لصميم التقليد وتعقب بان مراد المستدل ان القرشية من أسباب الفضل والتقدم كما أن من أسباب التقدم الورع مثلا فالمستويان في خصال الفضل إذا تميز أحدهما بالورع مثلا كان مقدما على رفيقه فكذلك القرشية فثبت الاستدلال بها على تقدم الشافعي ومزيته على من ساواه في العلم والدين لمشاركته له في الصفتين وتميزه عليه بالقرشية وهذا واضح ولعل الغفلة والعصبية صحبت القرطبي فلله الامر وقوله كافرهم تبع لكافرهم وقع مصداق ذلك لان العرب كانت تعظم قريشا في الجاهلية بسكناها الحرم فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم ودعا إلى الله توقف غالب العرب عن اتباعه وقالوا ننظر ما يصنع قومه فلما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة وأسلمت قريش تبعتهم العرب ودخلوا في دين الله أفواجا واستمرت خلافة النبوة في قريش فصدق ان كافرهم كان تبعا لكافرهم وصار مسلمهم تبعا لمسلمهم * الحديث الخامس (قوله حدثني عبد الملك) هو ابن ميسرة و وقع منسوبا في تفسير حم عسق ويأتي شرحه مستوفي هناك ودخوله في هذه الترجمة واضح من جهة تفسير المودة المطلوبة في الآية بصلة الرحم التي بينه وبين قريش وهم الذين خوطبوا بذلك وذلك يستدعي معرفة النسب التي تحقق بها صلة الرحم قال عكرمة كانت قريش تصل الأرحام في الجاهلية فلما دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله خالفوه وقاطعوه فأمرهم بصلة الرحم التي بينه وبينهم وسيأتي بيان الاختلاف في المراد بقوله المودة في القربى في التفسير وقوله هنا ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش الأولى فيه قرابة فنزلت فيه الا ان تصلوا قرابة بيني وبينكم كذا وقع هنا من رواية يحيى وهو القطان عن شعبة ووقع في التفسير من رواية محمد بن جعفر وهو غندر عن شعبة بلفظ الا كان له فيهم قرابة فقال الا ان تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة وهذه الرواية واضحة والأولى مشكلة لأنها توهم ان المذكور بعد قوله فنزلت من القرآن وليس كذلك وقد مشى بعض الشراح على ظاهره فقال كان هذا قرآنا فنسخ وقال غيره يحتمل ان هذا الكلام معنى الآية فنسب إلى النزول مجازا وهو كقول حسان في قصيدته المشهورة وقال الله قد أرسلت عبدا * يقول الحق ليس به خفاء يريد أنه من قول الله بالمعنى (قلت) والذي يظهر لي ان الضمير في قوله فنزلت للآية المسؤول عنها وهي قوله قل لا أسألكم عليه أجرا الا المودة في القربى وقوله الا ان تصلوا كلام ابن عباس تفسير لقوله تعالى الا المودة في والقربى وقد أوضحت ذلك رواية الإسماعيلي من طريق معاذ بن معاذ عن شعبة فقال في روايته فقال ابن عباس انه لم يكن بطن من بطون قريش الا للنبي صلى الله عليه وسلم فيه قرابة فنزلت قل لا أسألكم عليه أجرا الا أن تصلوا قرابتي منكم وله من طريق يزيد بن زريع عن شعبة مثله لكن قال الا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة فعرف بهذا أن المراد ذكر بعض الآية بالمعنى على جهة التفسير وسبب ذلك خفاء معناها على سعيد بن جبير وسيأتي ذكر ما يتعلق بذلك في التفسير إن شاء الله تعالى * الحديث السادس (قوله عن إسماعيل) هو ابن أبي خالد وقيس هو ابن أبي حازم (قوله يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم هذا صريح في رفعه وليس صريحا في أن الصحابي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم (قوله من ههنا) أي المشرق (قوله جاءت الفتن) ذكره بلفظ الماضي مبالغة في تحقق وقوعه وإن كان المراد ان ذلك سيجئ (قوله نحو المشرق) أي وأشار إلى
(٣٨٦)