جهة المشرق وقد تقدم في بدء الخلق من وجه آخر عن إسماعيل حدثني قيس عن عقبة بن عمرو أبي مسعود قال إشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث (وقوله والجفاء وغلظ القلوب) قال القرطبي هما شيئان لمسمى واحد كقوله انما أشكو بثي وحزني إلى الله والبث هو الحزن ويحتمل أن يقال المراد بالجفاء أن القلب لا يلين بالموعظة ولا يخشع لتذكره والمراد بالغلظ أنها لا تفهم المراد ولا تعقل المعنى وقد مضى في الرواية التي في بدء الخلق بلفظ القسوة بدل الجفاء (قوله في الفدادين) تقدم شرحه في بدء الخلق قال الكرماني مناسبة هذا الحديث والذي بعده للترجمة من ضرورة ان الناس باعتبار الصفات كالقبائل وكون الأتقى منهم هو الأكرم انتهى ولقد أبعد النجعة والذي يظهر أنها من جهة ذكر ربيعة ومضر لان معظم العرب يرجع نسبه إلى هذين الأصلين وهم كانوا أجل أهل المشرق وقريش الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم أحد فروع مضر فاما أهل اليمن فتعرض لهم في الحديث الذي بعده وسيأتي لهم ترجمة من نسب العرب كلهم إلى إسماعيل * الحديث السابع (قوله في حديث أبي هريرة والايمان يمان والحكمة يمانية) ظاهره نسبة الايمان إلى اليمن لان أصل يمان يمني فحذفت ياء النسب وعوض بالألف بدلها وقوله يمانية هو بالتخفيف وحكى ابن السيد في الاقتضاب أن التشديد لغة وحكى الجوهري وغيره أيضا عن سيبويه جواز التشديد في يماني وأنشد يمانيا يظل يشد كيرا * وينفخ دائما لهب الشواظ واختلف في المراد به فقيل معناه نسبة الايمان إلى مكة لان مبدأه منها ومكة يمانية بالنسبة إلى المدينة وقيل المراد نسبة الايمان إلى مكة والمدينة وهما يمانيتان بالنسبة للشام بناء على أن هذه المقالة صدرت من النبي صلى الله عليه وسلم وهو حينئذ بتبوك ويؤيده قوله في حديث جابر عند مسلم والايمان في أهل الحجاز وقيل المراد بذلك الأنصار لان أصلهم من اليمن ونسب الايمان إليهم لانهم كانوا الأصل في نصر الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم حكى جميع ذلك أبو عبيدة في غريب الحديث له وتعقبه ابن الصلاح بأنه لا مانع من اجراء الكلام على ظاهره وان المراد تفضيل أهل اليمن على غيرهم من أهل المشرق والسبب في ذلك اذعانهم إلى الايمان من غير كبير مشقة على المسلمين بخلاف أهل المشرق وغيرهم ومن اتصف بشئ وقوى قيامه به نسب إليه اشعارا بكمال حاله فيه ولا يلزم من ذلك نفى الايمان عن غيرهم وفي ألفاظه أيضا ما يقتضي أنه أراد به أقواما بأعيانهم فأشار إلى من جاء منهم لا إلى بلد معين لقوله في بعض طرقه في الصحيح أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوبا وأرق أفئدة الايمان يمان والحكمة يمانية ورأس الكفر قبل المشرق ولامانع من اجراء الكلام على ظاهره وحمل أهل اليمن على حقيقته ثم المراد بذلك الموجود منهم حينئذ لا كل أهل اليمن في كل زمان فان اللفظ لا يقتضيه قال والمراد بالفقه الفهم في الدين والمراد بالحكمة العلم المشتمل على المعرفة بالله انتهي وقد أبعد الحكيم الترمذي حيث زعم أن المراد بذلك شخص خاص وهو أويس القرني وسيأتي في باب ذكر قحطان زيادة في هذا والله أعلم (قوله قال أبو عبد الله) هو المصنف (قوله سميت اليمن لأنها عن يمين الكعبة) هو قول أبي عبيدة قاله في تفسير الواقعة وروى عن قطرب قال انما سمي اليمن يمنا ليمنه والشام شأما لشؤمه وقال الهمداني في الأنساب لما ظعنت العرب العاربة أقبل بنو قطن بن عامر فتيامنوا فقالت العرب تيامنت بنو قطن فسموا اليمن
(٣٨٧)