الدار وصرح بذلك في حديث وهب بن منبه (قوله فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب فقال له خذ ذهبك فإنما اشتريت منك الأرض ولم أبتع الذهب) وهذا صريح في أن العقد انما وقع بينهما على الأرض خاصة فاعتقد البائع دخول ما فيها ضمنا وأعتقد المشتري انه لا يدخل واما صورة الدعوى بينهما فوقعت على هذه الصورة وانهما لم يختلفا في صورة العقد التي وقعت والحكم في شرعنا على هذا في مثل ذلك ان القول قول المشتري وان الذهب باق على ملك البائع ويحتمل أنهما اختلفا في صورة العقد بان يقول المشتري لم يقع تصريح ببيع الأرض وما فيها بل ببيع الأرض خاصة والبائع يقول وقع التصريح بذلك والحكم في هذه الصورة أن يتحالفا ويستردا المبيع وهذا كله بناء على ظاهر اللفظ انه وجد فيه جرة من ذهب لكن في رواية إسحاق بن بشر ان المشتري قال إنه اشترى دارا فعمرها فوجد فيها كنزا وان البائع قال له لما دعاه إلى أخذه ما دفنت ولا علمت وانهما قالا للقاضي ابعث من يقبضه وتضعه حيث رأيت فامتنع وعلى هذا فحكم هذا المال حكم الركاز في هذه الشريعة ان عرف انه من دفين الجاهلية والا فان عرف انه من دفين المسلمين فهو لقطة وان جهل فحكمه حكم المال الضائع يوضع في بيت المال ولعلهم لم يكن في شرعهم هذا التفصيل فلهذا حكم القاضي بما حكم به قوله (وقال الذي له الأرض) أي الذي كانت له ووقع في رواية أحمد عن عبد الرزاق بيان المراد من ذلك ولفظه فقال الذي باع الأرض انما بعتك الأرض ووقع في نسخ مسلم اختلاف فالأكثر رووه بلفظ فقال الذي شرى الأرض والمراد باع الأرض كما قال أحمد ولبعضهم فقال الذي اشترى الأرض ووهمها القرطبي قال الا ان ثبت ان لفظ اشترى من الأضداد كشرى فلا وهم وقوله فتحا كما ظاهره انهما حكماه في ذلك لكن في حديث إسحاق بن بشر التصريح بأنه كان حاكما منصوبا للناس فان ثبت ذلك فلا حجة فيه لمن جوز للمتداعيين أن يحكما بينهما رجلا وينفذ حكمه وهي مسئلة مختلف فيها فأجاز ذلك مالك والشافعي بشرط أن يكون فيه أهلية الحكم وان يحكم بينهما بالحق سواء وافق ذلك رأي قاضي البلد أم لا واستثنى الشافعي الحدود وشرط أبو حنيفة أن لا يخالف ذلك رأى قاضي البلد وجزم القرطبي بأنه لم يصدر منه حكم على أحد منهما وانما أصلح بينهما لما ظهر له ان حكم المال المذكور حكم المال الضائع فرأى انهما أحق بذلك من غيرهما لما ظهر له من ورعهما وحسن حالهما وارتجى من طيب نسلهما وصلاح ذريتهما ويرده ما جزم به الغزالي في نصيحة الملوك انهما تحاكما إلى كسرى فان ثبت هذا ارتفعت المباحث الماضية المتعلقة بالتحكيم لان الكافر لا حجة فيما يحكم به ووقع في روايته عن أبي هريرة لقد رأيتنا يكثر تمارينا ومنازعتنا عند النبي صلى الله عليه وسلم أيهما أكثر أمانة (قوله ألكما ولد) بفتح الواو واللام والمراد الجنس لأنه يستحيل أن يكون للرجلين جميعا ولد واحد والمعنى ألكل منكما ولد ويجوز أن يكون قوله ألكما ولد بضم الواو وسكون اللام وهي صيغة جمع أي أولاد ويجوز كسر الواو أيضا في ذلك (قوله فقال أحدهما لي غلام) بين في رواية إسحاق بن بشر أن الذي قال لي غلام هو الذي اشترى العقار (قوله أنكحوا الغلام الجارية وأنفقوا على أنفسهما منه وتصدقا) هكذا وقع بصيغة الجمع الانكاح والانفاق وبصيغة التثنية في النفسين وفي التصدق وكأن السر في ذلك أن الزوجين كانا محجوزين وانكاحهما لا بد فيه مع ولييهما من غيرهما كالشاهدين وكذلك الانفاق قد يحتاج
(٣٧٦)