حديث النعمان بن بشير من وجه آخر إذ وقع حجر من الجبل مما يهبط من خشية الله حتى سد فم الغار (قوله فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه) في رواية موسى بن عقبة المذكورة انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله ومثله لمسلم وفي رواية الكشميهني خالصة ادعوا الله بها ومن طريقه في البيوع ادع الله بأفضل عمل عملتموه وفي رواية سالم انه لا ينجيكم الا ان تدعوا الله بصالح أعمالكم وفي حديث أبي هريرة وأنس جميعا فقال بعضهم لبعض عفا الأثر ووقع الحجر ولا يعلم بمكانكم الا الله ادعوا الله بأوثق أعمالكم وفي حديث علي عند البزار تفكروا في أحسن أعمالكم فادعوا الله بها لعل الله يفرج عنكم وفي حديث النعمان بن بشير انكم لن تجدوا شيئا خيرا من أن يدعو كل امرئ منكم بخير عمل عمله قط (قوله فقال اللهم ان كنت تعلم) كذا لأبي ذر والنسفي وأبي الوقت لم يذكر القائل وللباقين فقال واحد منهم (قوله اللهم ان كنت تعلم) فيه اشكال لان المؤمن يعلم قطعا ان الله يعلم ذلك وأجيب بأنه تردد في عمله ذلك هل له اعتبار عند الله أم لا وكأنه قال إن كان عملي ذلك مقبولا فأجب دعائي وبهذا التقرير يظهر أن قوله اللهم على بابها في النداء وقد ترد بمعنى تحقق الجواب كمن يسأل آخر عن شئ كأن يقول رأيت زيدا فيقول اللهم نعم وقد ترد أيضا لندرة المستثنى كأن يقول شيئا ثم يستثني منه فيقول اللهم الا إن كان كذا (قوله على فرق) بفتح الفاء والراء بعدها قاف وقد تسكن الراء وهو مكيال يسع ثلاثة آصع (قوله من أرز) فيه ست لغات فتح الألف وضمها مع ضم الراء وبضم الألف مع سكون الراء وتشديد الزاي وتخفيفها وقد تقدم في المزارعة انه فرق ذرة وتقدم هناك بيان الجمع بين الروايتين ويحتمل انه استأجر أكثر من واحد وكان بعضهم بفرق ذرة وبعضهم بفرق أرز ويؤيد ذلك أنه وقع في رواية سالم استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب وفي حديث النعمان بن بشير نحوه كما سأذكره ووقع في حديث عبد الله بن أبي أوفي عند الطبراني في الدعاء استأجرت قوما كل واحد منهم بنصف درهم فلما فرغوا أعطيتهم أجورهم فقال أحدهم والله لقد عملت عمل اثنين والله لا آخذ الا درهما فذهب وتركه فبذرت من ذلك النصف درهم إلى آخره ويجمع بينهما بان الفرق المذكور كانت قيمته نصف درهم إذ ذاك (قوله فذهب وتركه) في رواية موسى بن عقبة فأعطيته فأبى ذاك ان يأخذ وفي روايته في المزارعة فلما قضى عمله قال اعطني حقي فعرضت عليه حقه فرغب عنه وفي حديث أبي هريرة فعمل لي نصف النهار فأعطيته أجرا فسخطه ولم يأخذه ووقع في حديث النعمان بن بشير بيان السبب في ترك الرجل أجرته ولفظه كان لي أجراء يعملون فجاءني عمال فاستأجرت كل رجل منهم باجر معلوم فجاء رجل ذات يوم نصف النهار فاستأجرته بشرط أصحابه فعمل في نصف نهاره كما عمل رجل منهم في نهاره كله فرأيت علي في الذمام أن لا أنقصه مما استأجرت به أصحابه لما جهد في عمله فقال رجل منهم تعطي هذا مثل ما أعطيتني فقلت يا عبد الله لم أبخسك شيئا من شرطك وانما هو مالي أحكم فيه بما شئت قال فغضب وذهب وترك أجره وأما ما وقع في حديث أنس فاتاني يطلب أجره وأنا غضبان فزبرته فانطلق وترك أجره فلا ينافي ذلك وطريق الجمع ان الأجير لما حسد الذي عمل نصف النهار وعاتب المستأجر غضب منه وقال له لم أبخسك شيئا إلى آخره وزبره فغضب الأجير وذهب ووقع في حديث علي وترك واحد منهم أجره وزعم أن أجره أكثر من أجور أصحابه (قوله واني عمدت إلى ذلك الفرق
(٣٦٨)