الا بالعبادة لا بالتصدق بالمال وقيل معناه ان الناس يرغبون عن الدنيا حتى تكون السجدة الواحدة أحب إليهم من الدنيا وما فيها وقد روى ابن مردويه من طريق محمد بن أبي حفصة عن الزهري بهذا الاسناد في هذا الحديث حتى تكون السجدة واحدة لله رب العالمين (قوله ثم يقول أبو هريرة واقرؤا ان شئتم وان من أهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته الآية) هو موصول بالاسناد المذكور قال ابن الجوزي انما تلى أبو هريرة هذه الآية للإشارة إلى مناسبتها لقوله حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها فإنه يشير بذلك إلى صلاح الناس وشدة ايمانهم واقبالهم على الخير فهم لذلك يؤثرون الركعة الواحدة على جميع الدنيا والسجدة تطلق ويراد بها الركعة قال القرطبي معنى الحديث ان الصلاة حينئذ تكون أفضل من الصدقة لكثرة المال إذ ذاك وعدم الانتفاع به حتى لا يقبله أحد وقوله في الآية وان بمعنى ما أي لا يبقى أحد من أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى إذا نزل عيسى الا آمن به وهذا مصير من أبي هريرة إلى أن الضمير في قوله الا ليؤمنن به وكذلك في قوله قبل موته يعود على عيسى أي الا ليؤمن بعيسى قبل موت عيسى وبهذا جزم ابن عباس فيما رواه ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عنه باسناد صحيح ومن طريق أبي رجاء عن الحسن قال قبل موت عيسى والله انه الآن لحي ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون ونقله عن أكثر أهل العلم ورجحه ابن جرير وغيره ونقل أهل التفسير في ذلك أقوالا أخر وأن الضمير في قوله به يعود لله أو لمحمد وفي موته يعود على الكتابي على القولين وقيل على عيسى وروى ابن جرير من طريق عكرمة عن ابن عباس لا يموت يهودي ولا نصراني حتى يؤمن بعيسى فقال له عكرمة أرأيت ان خر من بيت أو احترق أو أكله السبع قال لا يموت حتى يحرك شفتيه بالايمان بعيسى وفي اسناده خصيف وفيه ضعف ورجح جماعة هذا المذهب بقراءة أبي بن كعب الا ليؤمنن به قبل موته أي أهل الكتاب قال النووي معنى الآية على هذا ليس من أهل الكتاب أحد يحضره الموت الا آمن عند المعاينة قبل خروج روحه بعيسى وانه عبد الله وابن أمته ولكن لا ينفعه هذا الايمان في تلك الحالة كما قال تعالى وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن قال وهذا المذهب أظهر لان الأول يخص الكتابي الذي يدرك نزول عيسى وظاهر القرآن عمومه في كل كتابي في زمن نزول عيسى وقبله قال العلماء الحكمة في نزول عيسى دون غيره من الأنبياء الرد على اليهود في زعمهم أنهم قتلوه فبين الله تعالى كذبهم وأنه الذي يقتلهم أو نزوله لدنو أجله ليدفن في الأرض إذ ليس لمخلوق من التراب أن يموت في غيرها وقيل إنه دعا الله لما رأى صفة محمد وأمته أن يجعله منهم فاستجاب الله دعاءه وأبقاه حتى ينزل في آخر الزمان مجددا لأمر الاسلام فيوافق خروج الدجال فيقتله والأول أوجه وروى مسلم من حديث ابن عمر في مدة إقامة عيسى بالأرض بعد نزوله أنها سبع سنين وروى نعيم بن حماد في كتاب الفتن من حديث ابن عباس أن عيسى إذ ذاك يتزوج في الأرض ويقيم بها تسع عشرة سنة وبإسناد فيه مبهم عن أبي هريرة يقيم بها أربعين سنة وروى أحمد وأبو داود باسناد صحيح من طريق عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة مثله مرفوعا وفي هذا الحديث ينزل عيسى عليه ثوبان ممصران فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويدعو الناس إلى الاسلام ويهلك الله في زمانه الملل كلها الا الاسلام وتقع الأمنة في الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل
(٣٥٧)