مستوفى في كتاب العلم وذكرت عدد من رواه وصفة مخارجه بما يغني عن الإعادة وقد اتفق العلماء على تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وانه من الكبائر حتى بالغ الشيخ أبو محمد الجويني فحكم بكفر من وقع منه ذلك وكلام القاضي أبو بكر بن العربي يميل إليه وجهل من قال من الكرامية وبعض المتزهدة ان الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم يجوز فيما يتعلق بتقوية أمر الدين وطريقة أهل السنة والترغيب والترهيب واعتلوا بأن الوعيد ورد في حق من كذب عليه لا في الكذب له وهو اعتلال باطل لان المراد بالوعيد من نقل عنه الكذب سواء كان له أو عليه والدين بحمد الله كامل غير محتاج إلى تقويته بالكذب * الحديث العاشر (قوله إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم) يقتضي مشروعية الصبغ والمراد به صبغ شيب اللحية والرأس ولا يعارضه ما ورد من النهي عن إزالة الشيب لان الصبغ لا يقتضي الإزالة ثم إن المأذون فيه مقيد بغير السواد لما أخرجه مسلم من حديث جابر انه صلى الله عليه وسلم قال غيروه وجنبوه السواد ولأبي داود وصححه ابن حبان من حديث ابن عباس مرفوعا يكون قوم في آخر الزمان يخضبون كحواصل الحمام لا يجدون ريح الجنة واسناده قوي الا أنه اختلف في رفعه ووقفه وعلى تقدير ترجيح وقفه فمثله لا يقال بالرأي فحكمه الرفع ولهذا اختار النووي أن الصبغ بالسواد يكره كراهية تحريم وعن الحليمي أن الكراهة خاصة بالرجال دون النساء فيجوز ذلك للمرأة لأجل زوجها وقال مالك الحناء والكتم واسع والصبغ بغير السواد أحب إلي ويستثني من ذلك المجاهد اتفاقا وليس المراد بالصبغ في هذا الحديث صبغ الثياب ولا خضب اليدين والرجلين بالحناء مثلا لان اليهود والنصارى لا يتركون ذلك وقد صرح الشافعية بتحريم لبس الثياب المزعفرة للرجل وبتحريم خضب الرجال أيديهم وأرجلهم الا للتداوي وسيأتي بسط القول في ذلك في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى * الحديث الحادي عشر (قوله حدثنا محمد) هو ابن معمر نسبه ابن السكن عن الفربري وقيل هو الذهلي (قوله حدثنا حجاج) هو ابن منهال وجرير هو ابن حازم والحسن هو البصري (قوله في هذا المسجد) هو مسجد البصرة (قوله وما نسينا منذ حدثنا) أشار بذلك إلي تحققه لما حدث به وقرب عهده به واستمرار ذكره له (قوله وما نخشي أن يكون جندب كذب) فيه إشارة إلى أن الصحابة عدول وان الكذب مأمون من قبلهم ولا سيما على النبي صلى الله عليه وسلم (قوله كان فيمن كان قبلكم رجل) لم أقف على اسمه (قوله به جرح) بضم الجيم وسكون الراء بعدها مهملة وتقدم في الجنائز بلفظ به جراح وهو بكسر الجيم وذكره بعضهم بضم المعجمة وآخره جيم وهو تصحيف ووقع في رواية مسلم ان رجلا خرجت به قرحة وهي بفتح القاف وسكون الراء حبة تخرج في البدن وكأنه كان به جرح ثم صار قرحة (قوله فجزع) أي فلم يصبر على ألم تلك القرحة (قوله فأخذ سكينا فحز بها يده) السكين تذكر وتؤنث وقوله حز بالحاء المهملة والزاي هو القطع بغير إبانة ووقع في رواية مسلم فلما أذته انتزع سهما من كنانته فنكأها وهو بالنون والهمز أي نخس موضع الجرح ويمكن الجمع بأن يكون فجر الجرح بذبابة السهم فلم ينفعه فحز موضعه بالسكين ودلت رواية البخاري على أن الجرح كان في يده (قوله فما رقأ الدم) بالقاف والهمز أي لم ينقطع (قوله قال الله عز وجل بادرني عبدي بنفسه) هو كناية عن استعجال المذكور الموت وسيأتي البحث فيه وقوله حرمت عليه الجنة جار مجرى التعليل
(٣٦٢)