رواية عبد الرحمن المذكورة والأنبياء اخوة لعلات والعلات بفتح المهملة الضرائر وأصله أن من تزوج امرأة ثم تزوج أخرى كأنه عل منها والعلل الشرب بعد الشرب وأولاد العلات الاخوة من الأب وأمهاتهم شتى وقد بينه في رواية عبد الرحمن فقال أمهاتهم شتى ودينهم واحد وهو من باب التفسير كقوله تعالى ان الانسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا ومعنى الحديث أن أصل دينهم واحد وهو التوحيد وان اختلفت فروع الشرائع وقيل المراد أن أزمنتهم مختلفة (قوله ليس بيني وبينه نبي) هذا أورده كالشاهد لقوله انه أقرب الناس إليه ووقع في رواية عبد الرحمن بن آدم وأنا أولى الناس بعيسى لأنه لم يكن بيني وبينه نبي واستدل به على أنه لم يبعث بعد عيسى أحد الا نبينا صلى الله عليه وسلم وفيه نظر لأنه ورد أن الرسل الثلاثة الذين أرسلوا إلى أصحاب القرية المذكورة قصتهم في سورة يس كانوا من أتباع عيسى وان جرجيس وخالد بن سنان كانا نبيين وكانا بعد عيسى والجواب ان هذا الحديث يضعف ما ورد من ذلك فإنه صحيح بلا تردد وفي غيره مقال أو المراد انه لم يبعث بعد عيسى نبي بشريعة مستقلة وانما بعث بعده من بعث بتقرير شريعة عيسى وقصة خالد بن سنان أخرجها الحاكم في المستدرك من حديث ابن عباس ولها طرق جمعتها في ترجمته في كتابي في الصحابة * الحديث السادس حديث أبي هريرة رأى عيسى رجلا يسرق الحديث أورده من طريقين موصولة ومعلقة (قوله وقال إبراهيم ابن طهمان الخ) وصله النسائي عن أحمد بن حفص بن عبد الله النيسابوري عن أبيه عن إبراهيم وأحمد من شيوخ البخاري (قوله كلا والذي لا إله إلا الله) في رواية الكشميهني الا هو وفي رواية ابن طهمان عند النسائي فقال لا والذي لا اله الا هو (قوله وكذبت عيني) بالتشديد على التثنية ولبعضهم بالافراد وفي رواية المستملى كذبت بالتخفيف وفتح الموحدة وعيني بالافراد في محل رفع ووقع في رواية مسلم وكذبت نفسي وفي رواية ابن طهمان وكذبت بصري قال ابن التين قال عيسى ذلك على المبالغة في تصديق الحالف وأما قوله وكذبت عيني فلم يرد حقيقة التكذيب وانما أراد كذبت عيني في غير هذا قاله ابن الجوزي وفيه بعد وقيل إنه أراد بالتصديق والتكذيب ظاهر الحكم لا باطن الامر والا فالمشاهدة أعلى اليقين فكيف يكذب عينه ويصدق قول المدعي ويحتمل أن يكون رآه مد يده إلى الشئ فظن أنه تناوله فلما حلف له رجع عن ظنه وقال القرطبي ظاهر قول عيسى للرجل سرقت انه خبر جازم عما فعل الرجل من السرقة لكونه رآه أخذ ما لا من حرز في خفية وقول الرجل كلا نفي لذلك ثم أكده باليمين وقول عيسى آمنت بالله وكذبت عيني أي صدقت من حلف بالله وكذبت ما ظهر لي من كون الاخذ المذكور سرقة فإنه يحتمل أن يكون الرجل أخذ ماله فيه حق أو ما أذن له صاحبه في أخذه أو أخذه ليقلبه وينظر فيه ولم يقصد الغصب والاستيلاء قال ويحتمل أن يكون عيسى كان غير جازم بذلك وانما أراد استفهامه بقوله سرقت وتكون أداة الاستفهام محذوفة وهو سائغ كثير انتهى واحتمال الاستفهام بعيد مع جزمه صلى الله عليه وسلم بأن عيسى رأى رجلا يسرق واحتمال كونه يحل له الاخذ بعيد أيضا بهذا الجزم بعينه والأول مأخوذ من كلام القاضي عياض وقد تعقبه ابن القيم في كتابه إغاثة اللهفان فقال هذا تأويل متكلف والحق ان الله كان في قلبه أجل من أن يحلف به أحد كاذبا فدار الامر بين تهمة الحالف وتهمة بصره فرد التهمة إلى بصره كما ظن آدم صدق إبليس لما حلف
(٣٥٤)