الله عليه وسلم جالسا ورجل يأكل ولم يسم ثم سمى في آخره فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما زال الشيطان يأكل معه فلما سمى استقاء ما في بطنه وروى مسلم من حديث ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأكلن أحدكم بشماله ويشرب بشماله فان الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله وروى ابن عبد البر عن وهب بن منبه أن الجن أصناف فخالصهم ريح لا يأكلون ولا يشربون ولا يتوالدون وجنس منهم يقع منهم ذلك ومنهم السعالى والغول والقطرب وهذا ان ثبت كان جامعا للقولين الأولين ويؤيده ما روى ابن حبان والحاكم من حديث أبي ثعلبة الخشني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الجن على ثلاثة أصناف صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء وصنف حياة وعقارب وصنف يحلون ويظعنون وروى ابن أبي الدنيا من حديث أبي الدرداء مرفوعا نحوه لكن قال في الثالث وصنف عليم الحساب والعقاب وسيأتي شئ من هذا في الباب الذي يليه وروى ابن أبي الدنيا من طريق يزيد بن يزيد بن جابر أحد ثقات الشاميين من صغار التابعين قال ما من أهل بيت الا وفي سقف بيتهم من الجن وإذا وضع الغداء نزلوا فتغدوا معهم والعشاء كذلك واستدل مقال بأنهم يتناكحون بقوله تعالى لم يطمثهن انس قبلهم ولا جان وبقوله تعالى أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني والدلالة من ذلك ظاهرة واعتل من أنكر ذلك بأن الله تعالى أخبر ان الجان خلق من نار وفي النار من اليبوسة والخفة ما يمنع معه التوالد والجواب أن أصلهم من النار كما أن أصل الآدمي من التراب وكما أن الآدمي ليس طينا حقيقة كذلك الجني ليس نارا حقيقة وقد وقع في الصحيح في قصة تعرض الشيطان للنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فأخذته فخنقته حتى وجدت برد ريقه على يدي (قلت) وبهذا الجواب يندفع ايراد من استشكل قوله تعالى الا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب فقال كيف تحرق النار النار وأما قول المصنف وثوابهم وعقابهم فلم يختلف من أثبت تكليفهم أنهم يعاقبون على المعاصي واختلف هل يثابون فروى الطبري وابن أبي حاتم من طريق أبي الزناد موقوفا قال إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار قال الله لمؤمن الجن وسائر الأمم أي من غير الانس كونوا ترابا فحينئذ يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا وروى ابن أبي الدنيا عن ليث بن أبي سليم قال ثواب الجن أن يجاروا من النار يقال لهم كونوا ترابا وروى عن أبي حنيفة نحو هذا القول وذهب الجمهور إلى أنهم يثابون على الطاعة وهو قول الأئمة الثلاثة والأوزاعي وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وغيرهم ثم اختلفوا هل يدخلون مدخل الانس على أربعة أقوال أحدها نعم وهو قول الأكثر وثانيها يكونون في ربض الجنة وهو منقول عن مالك وطائفة وثالثها أنهم أصحاب الأعراف ورابعها التوقف عن الجواب في هذا وروى ابن أبي حاتم من طريق أبي يوسف قال قال ابن أبي ليلى في هذا لهم ثواب قال فوجدنا مصداق ذلك في كتاب الله تعالى ولكل درجات مما عملوا (قلت) وإلى هذا أشار المصنف بقوله قبلها يا معشر الجن ألم يأتكم رسل منكم فإن قوله ولكل درجات مما عملوا يلي الآية التي بعد هذه الآية واستدل بهذه الآية أيضا بن عبد الحكم واستدل ابن وهب بمثل ذلك بقوله تعالى أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس الآية فإن الآية بعدها أيضا ولكل درجات مما عملوا وروى أبو الشيخ في تفسيره عن مغيث بن سمى أحد التابعين قال ما من شئ الا وهو يسمع زفير جهنم الا الثقلين الذين عليهم الحساب
(٢٤٦)