رواية لمسلم يرون والمعنى ان أهل الجنة تتفاوت منازلهم بحسب درجاتهم في الفضل حتى أن أهل الدرجات العلا ليراهم من هو أسفل منهم كالنجوم وقد بين ذلك في الحديث بقوله لتفاضل ما بينهم (قوله الدري) هو النجم الشديد الاضاءة وقال الفراء هو النجم العظيم المقدار وهو بضم المهملة وكسر الراء المشددة بعدها تحتانية ثقيلة وقد تسكن وبعدها همزة ومد وقد يكسر أوله على الحالين فتلك أربع لغات ثم قيل إن المعنى مختلف فبالتشديد كأنه منسوب إلى الدر لبياضه وضيائه وبالهمز كأنه مأخوذ من درأ أي دفع لاندفاعه عند طلوعه ونقل ابن الجوزي عن الكسائي تثليث الدال قال فبالضم نسبة إلى الدر وبالكسر الجاري وبالفتح اللامع (قوله الغابر) كذا للأكثر وفي رواية الموطأ الغاير بالتحتانية بدل الموحدة قال عياض كأنه الداخل في الغروب وفي رواية الترمذي الغارب وفي رواية الأصيلي بالمهملة والزاي قال عياض معناه الذي يبعد للغروب وقيل معناه الغائب ولكن لا يحسن هنا لان المراد أن بعده عن الأرض كبعد غرف الجنة عن ربضها في رأي العين والرواية الأولى هي المشهورة ومعنى الغابر هنا الذاهب وقد فسره في الحديث بقوله من المشرق إلى المغرب والمراد بالأفق السماء وفي رواية مسلم من الأفق من المشرق أو المغرب قال القرطبي من الأولى لابتداء الغاية أو هي للظرفية ومن الثانية مبينة لها وقد قيل إنها ترد لانتهاء الغاية أيضا قال وهو خروج عن أصلها وليس معروفا عند أكثر النحويين قال ووقع في نسخ البخاري إلى المشرق وهو أوضح ووقع في رواية سهل بن سهل عند مسلم كما تراءون الكوكب الدري في الأفق الشرقي أو الغربي واستشكله ابن التين وقال انما تغور الكواكب في المغرب خاصة فكيف وقع ذكر المشرق وهذا مشكل على رواية الغاير بالتحتانية وأما بالموحدة فالغابر يطلق على الماضي والباقي فلا اشكال (قوله قال بلى) قال القرطبي بلى حرف جواب وتصديق والسياق يقتضي أن يكون الجواب بالاضراب عن الأول وايجاب الثاني فلعها كانت بل فغيرت ببلى وقوله رجال خبر مبتدأ محذوف تقديره وهم رجال اي تلك المنازل منازل رجال آمنوا (قلت) حكى ابن التين أن في رواية أبي ذر بل بدل بلى ويمكن توجيه بلى بأن التقدير نعم هي منازل الأنبياء بايجاب الله تعالى لهم ذلك ولكن قد يتفضل الله تعالى على غيرهم بالوصول إلى تلك المنازل وقال ابن التين يحتمل أن تكون بلى جواب النفي في قولهم لا يبلغها غيرهم وكأنه قال بلى يبلغها رجال غيرهم (قوله وصدقوا المرسلين) أي حق تصديقهم والا لكان كل من آمن بالله وصدق رسله وصل إلى تلك الدرجة وليس كذلك ويحتمل أن يكون التنكير في قوله رجال يشير إلى ناس مخصوصين موصوفين بالصفة المذكورة ولا يلزم أن يكون كل من وصف بها كذلك لاحتمال أن يكون لمن بلغ تلك المنازل صفة أخرى وكأنه سكت عن الصفة التي اقتضت لهم ذلك والسر فيه أنه قد يبلغها من له عمل مخصوص ومن لا عمل له كان بلوغها انما هو برحمة الله تعالى وقد وقع في رواية الترمذي من وجه آخر عن أبي سعيد وان أبا بكر وعمر لمنهم وأنعما وروى الترمذي أيضا عن علي مرفوعا ان في الجنة لغرفا ترى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها فقال أعرابي لمن هي يا رسول الله قال هي لمن ألان الكلام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام وقال ابن التين قيل إن المعنى انهم يبلغون درجات الأنبياء وقال الداودي يعني انهم يبلغون هذه المنازل التي وصف وأما منازل الأنبياء فإنها فوق ذلك (قلت) وقع في حديث أبي هريرة عند أحمد والترمذي قال بلى والذي نفسي بيده وأقوام آمنوا بالله ورسوله
(٢٣٤)