على جواز أخذ الغانمين من القوت وما يصلح به وكل طعام يعتاد أكله عموما وكذلك علف الدواب سواء كان قبل القسمة أو بعدها بإذن الامام وبغير اذنه والمعنى فيه أن الطعام يعز في دار الحرب فأبيح للضرورة والجمهور أيضا على جواز الاخذ ولو لم تكن الضرورة ناجزة واتفقوا على جواز ركوب دوابهم ولبس ثيابهم واستعمال سلاحهم في حال الحرب ورد ذلك بعد انقضاء الحرب وشرط الأوزاعي فيه اذن الامام وعليه أن يرده كلما فرغت حاجته ولا يستعمله في غير الحرب ولا ينتظر برده انقضاء الحرب لئلا يعرضه للهلاك وحجته حديث رويفع بن ثابت مرفوعا من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأخذ دابة من المغنم فيركبها حتى إذا أعجفها ردها إلى المغانم وذكر في الثوب مثل ذلك وهو حديث حسن أخرجه أبو داود والطحاوي ونقل عن أبي يوسف أنه حمله على ما إذا كان الآخذ غير محتاج يبقى دابته أو ثوبه بخلاف من ليس له ثوب ولا دابة وقال الزهري لا يأخذ شيئا من الطعام ولا غيره الا بإذن الامام وقال سليمان بن موسى يأخذ الا ان نهى الامام وقال ابن المنذر قد وردت الأحاديث الصحيحة في التشديد في الغلول واتفق علماء الأمصار على جواز أكل الطعام وجاء الحديث بنحو ذلك فليقتصر عليه وأما العلف فهو في معناه وقال مالك يباح ذبح الانعام للاكل كما يجوز أخذ الطعام وقيده الشافعي بالضرورة إلى الاكل حيث لا طعام وقد تقدم في باب ما يكره من ذبح الإبل في أواخر الجهاد شئ من ذلك ثم ذكر المصنف في الباب ثلاثة أحاديث * أحدها (قوله عن عبد الله بن مغفل) بالمعجمة والفاء وزن محمد وفي رواية بهز بن أسد عن شعبة عند مسلم سمعت عبد الله بن مغفل وفي رواية سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال حدثني عبد الله بن مغفل والاسناد كله بصريون (قوله فرمى انسان) لم أقف على اسمه ولأبي داود من طريق سليمان بن المغيرة دلى بجراب يوم خيبر فالتزمته (قوله بجراب) بكسر الجيم (قوله فنزوت) بالنون والزاي أي وثبت مسرعا ووقع في رواية سليمان بن المغيرة فالتزمته فقلت لا أعطى اليوم أحدا من هذا شيئا وقد أخرج ابن وهب بسند معضل أن صاحب المغانم كعب بن عمرو بن زيد الأنصاري أخذ منه الجراب فقال النبي صلى الله عليه وسلم خل بينه وبين جرابه وبهذا يتبين معنى قوله فاستحييت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعله استحيا من فعله ذلك ومن قوله معا وموضع الحجة منه عدم انكار النبي صلى الله عليه وسلم بل في رواية مسلم ما يدل على رضاه فإنه قال فيه فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متبسما وزاد أبو داود الطيالسي في آخره فقال هو لك وكأنه عرف شدة حاجته إليه فسوغ له الاستئثار به وفي قوله فاستحييت إشارة إلى ما كانوا عليه من توقير النبي صلى الله عليه وسلم ومن معاناة التنزه عن خوارم المروءة وفيه جواز أكل الشحوم التي توجد عند اليهود وكانت محرمة على اليهود وكرهها مالك وعن أحمد تحريمها وسيأتي ذلك في باب مفرد في كتاب الذبائح إن شاء الله تعالى * ثانيها حديث ابن عمر كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه رواه يونس بن محمد عند أبي نعيم وأحمد بن إبراهيم عند الإسماعيلي كلاهما عن حماد ابن زيد فزاد فيه والفواكه ورواه الإسماعيلي من طريق ابن المبارك عن حماد بن زيد بلفظ كنا نصيب العسل والسمن في المغازي فنأكله ومن طريق جرير بن حازم عن أيوب بلفظ أصبنا طعاما وأغناما يوم اليرموك فلم يقسم وهذا الموقوف لا يغاير الأول لاختلاف السياق وللأول حكم المرفوع للتصريح بكونه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما يوم اليرموك فكان بعده فهو
(١٨٢)