فان عبد الرحمن بن عوف أخبرني فذكره لكن أصحاب الأطراف ذكروا هذا الحديث في ترجمة بجالة بن عبدة عن عبد الرحمن بن عوف وليس بجيد وقد أخرج أبو داود من طريق قشير بن عمرو عن بجالة عن ابن عباس قال جاء رجل من مجوس هجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلما خرج قلت له ما قضى الله ورسوله فيكم قال شر الاسلام أو القتل قال وقال عبد الرحمن بن عوف قبل منهم الجزية قال ابن عباس فاخذ الناس بقول عبد الرحمن وتركوا ما سمعت وعلى هذا فبجالة يرويه عن ابن عباس سماعا وعن عمر كتابة كلاهما عن عبد الرحمن بن عوف وروى أبو عبيد باسناد صحيح عن حذيفة لولا أني رأيت أصحابي أخذوا الجزية من المجوس ما أخذتها وفي الموطأ عن جعفر بن محمد عن أبيه ان عمر قال لا أدري ما أصنع بالمجوس فقال عبد الرحمن بن عوف أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سنوا بهم سنة أهل الكتاب وهذا منقطع مع ثقة رجاله ورواه ابن المنذر والدارقطني في الغرائب من طريق أبي على الحنفي عن مالك فزاد فيه عن جده وهو منقطع أيضا لان جده علي بن الحسين لم يلحق عبد الرحمن بن عوف ولا عمر فإن كان الضمير في قوله عن جده يعود على محمد بن علي فيكون متصلا لان جده الحسين بن علي سمع من عمر بن الخطاب ومن عبد الرحمن بن عوف وله شاهد من حديث مسلم بن العلاء بن الحضرمي أخرجه الطبراني في آخر حديث بلفظ سنوا بالمجوس سنة أهل الكتاب قال أبو عمر هذا من الكلام العام الذي أريد به الخاص لان المراد سنة أهل الكتاب في أخذ الجزية فقط (قلت) وقع في آخر رواية أبي على الحنفي قال مالك في الجزية واستدل بقوله سنة أهل الكتاب على أنهم ليسوا أهل كتاب لكن روى الشافعي وعبد الرزاق وغيرهما باسناد حسن عن علي كان المجوس أهل كتاب يقرؤونه وعلم يدرسونه فشرب أميرهم الخمر فوقع على أخته فلما أصبح دعا أهل الطمع فأعطاهم وقال إن آدم كان ينكح أولاده بناته فأطاعوه وقتل من خالفه فاسرى على كتابهم وعلى ما في قلوبهم منه فلم يبق عندهم منه شئ وروى عبد بن حميد في تفسير سورة البروج باسناد صحيح عن ابن أبزي لما هزم المسلمون أهل فارس قال عمر اجتمعوا فقال إن المجوس ليسوا أهل كتاب فنضع عليهم ولا من عبدة الأوثان فنجرى عليهم أحكامهم فقال علي بل هم أهل كتاب فذكر نحوه لكن قال وقع على ابنته وقال في آخره فوضع الأخدود لمن خالفه فهذا حجة لمن قال كان لهم كتاب وأما قول ابن بطال لو كان لهم كتاب ورفع لرفع حكمه ولما استثنى حل ذبائحهم ونكاح نسائهم فالجواب أن الاستثناء وقع تبعا للأثر الوارد في ذلك لان في ذلك شبهة تقتضي حقن الدم بخلاف النكاح فإنه مما يحتاط له وقال ابن المنذر ليس تحريم نسائهم وذبائحهم متفقا عليه ولكن الأكثر من أهل العلم عليه وفي الحديث قبول خبر الواحد وأن الصحابي الجليل قد يغيب عنه علم ما اطلع عليه غيره من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأحكامه وانه لا نقص عليه في ذلك وفيه التمسك بالمفهوم لان عمر فهم من قوله أهل الكتاب اختصاصهم بذلك حتى حدثه عبد الرحمن بن عوف بالحاق المجوس بهم فرجع إليه * ثانيها حديث عمرو بن عوف (قوله الأنصاري) المعروف عند أهل المغازي أنه من المهاجرين وهو موافق لقوله هنا وهو حليف لبني عامر بن لؤي لأنه يشعر بكونه من أهل مكة ويحتمل أن يكون وصفه بالأنصاري بالمعنى الأعم ولا مانع أن يكون أصله من الأوس والخزرج ونزل مكة وحالف بعض أهلها فبهذا الاعتبار يكون أنصاريا مهاجريا
(١٨٦)