ما يراه الامام من المصلحة ويدل له قوله تعالى قل الأنفال لله والرسول ففوض إليه أمرها والله أعلم وقال الأوزاعي لا ينفل من أول الغنيمة ولا ينفل ذهبا ولا فضة وخالفه الجمهور وحديث الباب من رواية بن إسحاق يدل لما قالوا واستدل به على تعين قسمة أعيان الغنيمة لا أثمانها وفيه نظر لاحتمال أن يكون وقع ذلك اتفاقا أو بيانا للجواز وعند المالكية فيه أقوال ثالثها التخيير وفيه أن أمير الجيش إذا فعل مصلحة لم ينقضها الامام * الرابع حديثه كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش وأخرجه مسلم وزاد في آخره والخمس واجب في ذلك كله وليس فيه حجة لان النفل من الخمس لا من غيره بل هو محتمل لكل من الأقوال نعم فيه دليل على أنه يجوز تخصيص بعض السرية بالتنفيل دون بعض قال ابن دقيق العيد للحديث تعلق بمسائل الاخلاص في الأعمال وهو موضع دقيق المأخذ ووجه تعلقه به أن التنفيل يقع للترغيب في زيادة العمل والمخاطرة في الجهاد ولكن لم يضرهم ذلك قطعا لكونه صدر لهم من النبي صلى الله عليه وسلم فيدل على أن بعض المقاصد الخارجة عن محض التعبد لا تقدح في الاخلاص لكن ضبط قانونها وتمييزها مما تضر مداخلته مشكل جدا * الخامس حديث أبي موسى في مجيئهم من الحبشة وفي آخره وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئا الا لمن شهد معه الا أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه قسم لهم معهم وسيأتي شرحه مستوفى في غزوة خيبر من كتاب المغازي والغرض منه هذا الكلام الأخير قال ابن المنير أحاديث الباب مطابقة لما ترجم به الا هذا الأخير فان ظاهره أنه عليه الصلاة والسلام قسم لهم من أصل الغنيمة لا من الخمس إذ لو كان من الخمس لم يكن لهم بذلك خصوصية والحديث ناطق بها قال لكن وجه المطابقة أنه إذا جاز للامام أن يجتهد وينفذ اجتهاده في الأخماس الأربعة المختصة بالغانمين فيقسم منها لمن لم يشهد الوقعة فلان ينفذ اجتهاده في الخمس الذي لا يستحقه معين وان استحقه صنف مخصوص أولى وقال ابن التين يحتمل أن يكون أعطاهم برضا بقية الجيش انتهى وهذا جزم به موسى بن عقبة في مغازيه ويحتمل أن يكون انما أعطاهم من الخمس وبهذا جزم أبو عبيد في كتاب الأموال وهو الموافق لترجمة البخاري وأما قول ابن المنير لو كان من الخمس لم يكن هناك تخصيص فظاهر لكن يحتمل أن يكون من الخمس وخصهم بذلك دون غيرهم ممن كان من شأنه أن يعطي من الخمس ويحتمل أن يكون أعطاهم من جميع الغنيمة لكونهم وصلوا قبل قسمة الغنيمة وبعد حوزها وهو أحد القولين للشافعي وهذا الاحتمال يترجح بقوله أسهم لهم لان الذي يعطي من الخمس لا يقال في حقه أسهم له الا تجوزا ولان سياق الكلام يقتضي الافتخار ويستدعي الاختصاص بما لم يقع لغيرهم كما تقدم والله أعلم * السادس حديث جابر (قوله حدثنا علي) هو ابن عبد الله المديني وسفيان هو ابن عيينة (قوله لو قد جاءنا مال البحرين) سيأتي ذلك في أول باب الجزية من حديث عمرو بن عوف وأنه من الجزية لكن فيه فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين فيحمل على أن الذي وعد به النبي صلى الله عليه وسلم جابرا كان بعد السنة التي قدم فيها أبو عبيدة بالمال وظهر بذلك جهة المال المذكور وأنه من الجزية فاغنى ذلك عن قول ابن بطال يحتمل أن يكون من الخمس أو من الفئ (قوله أمر أبو بكر مناديا فنادى) لم أقف على اسمه ويحتمل أن يكون بلالا (قوله فحثى لي) بالمهملة والمثلثة (قوله وقال مرة) القائل هو سفيان بهذا السند وقد تقدم الحديث في الهبة بالسند
(١٧١)