هذا وهذا وكأن فاطمة عليها السلام لما خرجت غضبى من عند أبي بكر تمادت في اشتغالها بحزنها ثم بمرضها وأما سبب غضبها مع احتجاج أبي بكر بالحديث المذكور فلاعتقادها تأويل الحديث على خلاف ما تمسك به أبو بكر وكأنها اعتقدت تخصيص العموم في قوله لا نورث ورأت ان منافع ما خلفه من أرض وعقار لا يمتنع ان تورث عنه وتمسك أبو بكر بالعموم واختلفا في أمر محتمل للتأويل فلما صمم على ذلك انقطعت عن الاجتماع به لذلك فان ثبت حديث الشعبي أزال الاشكال وأخلق بالامر أن يكون كذلك لما علم من وفور عقلها ودينها عليها السلام وسيأتي في الفرائض زيادة في هذه القصة ويأتي الكلام فيها إن شاء الله تعالى وقد وقع في حديث أبي سلمة عن أبي هريرة عند الترمذي جاءت فاطمة إلى أبي بكر فقالت من يرثك قال أهلي وولدي قالت فما لي لا ارث أبي قال أبو بكر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا نورث ولكني أعول من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوله (قوله وكانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر وفدك وصدقته بالمدينة) هذا يؤيد ما تقدم من أنها لم تطلب من جميع ما خلف وانما طلبت شيئا مخصوصا فاما خيبر ففي رواية معمر المذكورة وسهمه من خيبر وقد روى أبو داود باسناد صحيح إلى سهل بن أبي خيثمة قال قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر نصفين نصفها لنوائبه وحاجته ونصفها بين المسلمين قسمها بينهم على ثمانية عشر سهما ورواه بمعناه من طرق أخرى عن بشير بن يسار مرسلا ليس فيه سهل واما فدك وهي بفتح الفاء والمهملة بعدها كاف بلد بينها وبين المدينة ثلاث مراحل وكان من شأنها ما ذكر أصحاب المغازي قاطبة ان أهل فدك كانوا من يهود فلما فتحت خيبر أرسل أهل فدك يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم الأمان على أن يتركوا البلد ويرحلوا وروى أبو داود من طريق ابن إسحاق عن الزهري وغيره قالوا بقيت بقية من خيبر تحصنوا فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم ان يحقن دماءهم ويسيرهم ففعل فسمع بذلك أهل فدك فنزلوا على مثل ذلك وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة ولأبي داود أيضا من طريق معمر عن ابن شهاب صالح النبي صلى الله عليه وسلم أهل فدك وقرى سماها وهو يحاصر قوما آخرين يعني بقية أهل خيبر وأما صدقته بالمدينة فروى أبو داود من طريق معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فذكر قصة بني النضير فقال في آخره وكانت نخل بني النضير لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة أعطاها إياه فقال ما أفاء الله على رسوله منهم الآية قال فأعطى أكثرها للمهاجرين وبقي منها صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي في أيدي بني فاطمة وروى عمر بن شبة من طريق أبي عون عن الزهري قال كانت صدقة النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة أموالا لمخيريق بالمعجمة والقاف مصغر وكان يهوديا من بقايا بني قينقاع نازلا ببني النضير فشهد أحدا فقتل به فقال النبي صلى الله عليه وسلم مخيريق سابق يهود وأوصى مخيريق بأمواله للنبي صلى الله عليه وسلم ومن طريق الواقدي بسنده عن عبد الله بن كعب قال قال مخيريق ان أصبت فأموالي لمحمد يضعها حيث أراه الله فهي عامة صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وكانت أموال مخيريق في بني النضير وعلى هذا فقوله في الحديث الآتي وهما يختصمان فيما أفاء الله على رسوله من بني النضير شمل جميع ذلك (قوله لست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به الا عملت به)
(١٤٠)