رداءه تخفيفا وانه إذا أراد لقاء أتباعه يكون على أكمل هيئة لأنه صلى الله عليه وسلم لما أراد ان يخرج إلى حمزة أخذ رداءه وان الصاحي لا ينبغي له ان يخاطب السكران وان الذاهب من بين يدي زائل العقل لا يوليه ظهره كما تقدم وفيه إشارة إلى عظم قدر عبد المطلب وجواز المبالغة في المدح لقول حمزة هل أنتم الا عبيد لأبي ومراده كالعبيد ونكتة التشبيه انهم كانوا عنده في الخضوع له وجواز تصرفه في مالهم في حكم العبيد وفيه ان الكلام يختلف باختلاف القائلين (قلت) وفي كثير من هذه الانتزاعات نظر والله أعلم * الثاني حديث عائشة في قصة فاطمة (قوله عن صالح) هو ابن كيسان (قوله أن فاطمة سألت أبا بكر) زاد معمر عن الزهري والعباس أتيا أبا بكر وسيأتي في الفرائض (قوله ما ترك) هو بدل من قوله ميراثها وفي رواية الكشميهني مما ترك وفي هذه القصة رد على من قرأ قوله لا يورث بالتحتانية أوله وصدقة بالنصب على الحال وهي دعوى من بعض الرافضة فادعى ان الصواب في قراءة هذا الحديث هكذا والذي توارد عليه أهل الحديث في القديم والحديث لا نورث بالنون وصدقة بالرفع وان الكلام جملتان وما تركنا في موضع الرفع بالابتداء وصدقة خبره يؤيده وروده في بعض طرق الصحيح ما تركنا فهو صدقة وقد احتج بعض المحدثين على بعض الامامية بان أبا بكر احتج بهذا الكلام على فاطمة رضي الله عنهما فيما التمست منه من الذي خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأراضي وهما من أفصح الفصحاء وأعلمهم بمدلولات الألفاظ ولو كان الامر كما يقرؤه الرافضي لم يكن فيما احتج به أبو بكر حجة ولا كان جوابه مطابقا لسؤالها وهذا واضح لمن انصف (قوله مما أفاء الله عليه) سيأتي بيانه قريبا (قوله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم) في رواية معمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يرد تأويل الداودي الشارح في قوله إن فاطمة حملت كلام أبي بكر على أنه لم يسمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما سمعه من غيره ولذلك غضبت وما قدمته من التأويل أولى (قوله فغضبت فاطمة فهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرته) في رواية معمر فهجرته فاطمة فلم تكلمه حتى ماتت ووقع عند عمر بن شبة من وجه آخر عن معمر فلم تكلمه في ذلك المال وكذا نقل الترمذي عن بعض مشايخه ان معنى قول فاطمة لأبي بكر وعمر لا أكلمكما أي في هذا الميراث وتعقبه الشاشي بان قرينة قوله غضبت يدل على انها امتنعت من الكلام جملة وهذا صريح الهجر وأما ما أخرجه أحمد وأبو داود من طريق أبي الطفيل قال أرسلت فاطمة إلى أبي بكر أنت ورثت رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أهله قال لا بل أهله قالت فأين سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله إذا أطعم نبيا طعمة ثم قبضه جعلها للذي يقوم من بعده فرأيت أن أرده على المسلمين قالت فأنت وما سمعته فلا يعارض ما في الصحيح من صريح الهجران ولا يدل على الرضا بذلك ثم مع ذلك ففيه لفظة منكرة وهي قول أبي بكر بل أهله فإنه معارض للحديث الصحيح ان النبي لا يورث نعم روى البيهقي من طريق الشعبي أن أبا بكر عاد فاطمة فقال لها علي هذا أبو بكر يستأذن عليك قالت أتحب ان آذن له قال نعم فاذنت له فدخل عليها فترضاها حتى رضيت وهو وإن كان مرسلا فإسناده إلى الشعبي صحيح وبه يزول الاشكال في جواز تمادي فاطمة عليها السلام على هجر أبي بكر وقد قال بعض الأئمة انما كانت هجرتها انقباضا عن لقائه والاجتماع به وليس ذلك من الهجران المحرم لان شرطه أن يلتقيا فيعرض
(١٣٩)