الأولين فأخذ منهم.
وصار ذلك سببا لإنكار ما تقدم في عبارة البخاري وغيره على رواية البراء ابن عازب حتى كفروا الباجي المالكي (1) ولكن شيخنا الأعظم الطوسي (رحمه الله) قال:
" وقال المفسرون: إنه لم يكن النبي (صلى الله عليه وآله) يحسن الكتابة، والآية لا تدل على ذلك بل فيها أنه لم يكن يكتب الكتاب وقد لا يكتب الكتاب من يحسنه كما لا يكتب من لا يحسنه، وليس ذلك بنهي، لأنه لو كان نهيا لكان الأجود أن يكون مفتوحا ".
والعجب منه (قدس سره) التفكيك بين الصدر والذيل حيث فسر قوله تعالى: * (وما كنت تتلو) * بأنه كان لا يحسن وفسر قوله تعالى: * (ولا تخطه) * بأنه كان لا يكتب على خلاف ما فهمه المفسرون. وقال الشريف الأجل المرتضى علم الهدى قدس الله روحه: هذه الآية تدل على أن النبي (صلى الله عليه وآله) ما كان يحسن الكتابة قبل النبوة، فأما بعد النبوة فالذي نعتقده في ذلك التجويز، لكونه عالما بالكتابة والقراءة، والتجويز لكونه غير عالم بهما من غير قطع بأحد الأمرين، وظاهر الآية يقتضي أن النفي قد تعلق بما قبل النبوة دون ما بعدها، ولأن التعليل في الآية يقتضي اختصاص النفي بما قبل النبوة، لأن المبطلين إنما يرتابون في نبوته (صلى الله عليه وآله) لو كان يحسن الكتابة قبل النبوة، فأما بعد النبوة فلا تعلق له بالريبة والتهمة فيجوز أن يكون قد تعلمه من جبرائيل (عليه السلام) بعد النبوة (2).