المناظرة الثالثة والستون مناظرة الشيخ محمد باقر المازندراني مع رجل من العامة يقول - رحمه الله -: حين أويت لحرارة الصيف إلى الفئ، في مسجد من مساجد الري، رأيت واحدا من أهل سنة (1).
وكان من دهاة أهل السنة وجدته شابا عاقلا فطنا، ومتكلما كيسا لسنا، فسلم علي، وجلس لدي وتكلمنا معا فصار معي مأنوسا، بعد ما كان من الرفضة باعتقاد مأيوسا، حتى ما انفك مني لحظة، ولا غفل عني نوما ولا يقظة، وكنت أنا معه كذلك، في كل المواقف والمساك.
وقلت له ذات يوم: أيها الشاب العاقل، والحبيب الفطن الكامل، أنت طالبي وأنا مطلوبك، وحبيبي وأنا محبوبك، لا ينبغي أن تكون في مذهب وأكون أنا في مذهب سواه، مع إنا من أولي الألباب بلا اشتباه، فلا بد أن نتكلم في المذاهب بالإنصاف ولا نسلك سبيل التعصب وطريق الاعتساف، حتى نرى بلا تعصب ونزاع، أن مذهب أينا أحق بالاتباع، فيصير الوداد بيننا باطنيا ومعنويا، بعد ما كان ظاهريا ولفظيا.
فقبل وتبسم، وقال: ما شئت تكلم.
فقلت له: أخبرني عن رجل اتفق الفريقان على اتصافه بجميع الصفات الكاملة، واستجماعه بتمام المحاسن الفاضلة، ما من نعوت محمودة إلا وهو مجمعها، وما من شموس محمودة إلا وهو مطلعها، وما من مناقب إلا وهو أبو عذرها، وما فضائل إلا وهو مجلي مضمارها