حيث قال له العباس في اليوم الذي قبض فيه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بما اتفق عليه أهل النقل: أبسط يدك يا بن أخ أبايعك فيقول الناس:
عم رسول الله بايع ابن أخيه فلا يختلف عليك اثنان (1).
فقال له شيخ من فقهاء أهل البلد: فما كان الجواب من علي؟
فقال: كان الجواب أن قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عهد إلي أن لا أدعو أحدا حتى يأتوني، ولا أجرد سيفا حتى يبايعوني، ومع هذا فلي برسول الله شغل.
فقال العباسي: فقد كان العباس - رحمه الله - إذن على خطأ في دعائه له إلى البيعة.
فقال له الشيخ: لم يخطئ العباس فيما قصد لأنه عمل على الظاهر وكان عمل أمير المؤمنين - عليه السلام - على الباطن وكلاهما أصاب الحق ولم يخطئه والحمد لله رب العالمين.
فقال له العباسي: فإن كان علي بن أبي طالب هو الإمام بعد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقد أخطأ أبو بكر وعمر ومن اتبعهما وهذا أعظم في الدين.
فقال له الشيخ: لست أنشط الساعة للفتيا بتخطئة أحد، وإنما أجبتك عن شئ سألت عنه، فإن كان صوابا وضمن تخطئة إنسان فلا تستوحش من اتباع الصواب، وإن كان باطلا فتكلم على إبطاله فهو أولى من التشنيع بما لا يجدي نفعا، مع أنه إن استعظمت تخطئة من ذكرت فلا بد لك من تخطئة علي والعباس من قبل أنهما قد تأخرا عن بيعة أبي بكر ولم يرضيا