لأتباعهم وتلاميذهم، وإنما أخذت العلم عن مصنفاتهم فأنا لا أترك طريقهم مع اعتقادي صدقهم وعدالتهم، واستفادتي من علومهم، وأسلك طريق من لا أعرف صحة قوله، ولا أعتقد عدالته، ولا ثبت عندي علمه.
فقلت: إذن أنت مقلد لهم، فقد خرجت عن حيز الاستدلال الذي حث الله عليه بقوله تعالى: (ائتوني بكتب من قبل هذا أو أثرة من علم إن كنتم صادقين) (1)، وقال تعالى: (انظروا ماذا في السماوات والأرض) (2) إلى حيز التقليد الذي ذم الله فاعله ووبخه بقوله: (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) (3)، وقال تعالى: (إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب) (4) فكيف تترك الاستدلال المأمور به وترجع إلى التقليد المنهي عنه المذموم فاعله بنص الكتاب أم كيف يسوغ لك التقليد في مثل ما نحن فيه؟!
فقال: نعم، التقليد في مثل هذه المسألة جائز لأن مسألة الإمامة ليست من أصول الدين، بل هي عندنا من الفروع، والفروع يصح التقليد فيها، وأنا أقلد فيها وأترك الاستدلال.
فقلت: لا يصح ذلك، أما أولا فلأن مسألة الإمامة ليست من الفروع، بل هي من أعظم أصول الدين، وأحد أركان الإيمان، لأنها قائمة مقام النبوة في حفظ الشريعة، وانتظام أمور العالم، وبقاء نوع الإنسان في معاشه ومعاده، والنبوة من الأصول اتفاقا، فكذا القائم مقامه من غير فرق.