صلاحا علمه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن الله تعالى وعلم عمر أن الترك أصلح فهل كان النبي - صلى الله عليه وآله - والله تعالى يعلمان ما علمه عمر أم لا؟
فإن قلت: إنهما كانا يعلمان ما علم، فكان الواجب عليهما العمل بالأصلح لأن فعل الأصلح واجب في الحكمة، فكيف تركا العمل بالأصلح وعلمه عمر، وهل كان ألطف بالخلق منهما؟
وإن قلت: إنهما لا يعلمان، فقد أبطلت وأحلت فاختر أيهما فإنها لا تخالف المعقول والمنقول.
فقال: الذي ينبغي لذوي العقول أن لا يحملوا هذه الأشياء الواقعة بين هؤلاء الذين هم في محل التعظيم والشرف على مثل ما ذكرت، بل ينبغي حملها على الوجه الجميل، كما قيل إن بعض الناس سمع أعرابيا يقول مخاطبا لله عز وجل في سنة جدب:
قد كنت تسقي الغيث ما بدا لك * أنزل علينا الغيث لا أبا لك فقال الشاهد: أشهد أنه لا أبا له ولا ولد، فأخرجها على أحسن مخرج (1).
فينبغي لمن سمع هذه اللفظة من هذا القائل وأمثاله أن يحملها على مثل ما حمل عليه لفظ الأعرابي.
وأما قولك: إن الاجتهاد لا يعارض النص، وإن عمر لا يسوغ له الاجتهاد في هذا المحل، فإن ذلك على حالة غير هذه الحالة فإن هذه الحالة كانت حالة الاحتضار، والنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مغلوب