المناظرات في الإمامة - الشيخ عبد الله الحسن - الصفحة ١٥٤
أن الرأي طريق الدين، وأنت مقربان الرأي لا يجمع على القول الواحد المختلفين؟
فسكت الشامي كالمفكر.
فقال أبو عبد الله - عليه السلام -: مالك لا تتكلم؟
قال: إن قلت: إنا ما اختلفنا كابرت.
وإن قلت: إن الكتاب والسنة يرفعان عنا الاختلاف، أبطلت (1)،
(١) ولذلك من الوظائف المعتبرة في الإمام بعد النبي - صلى الله عليه وآله - أن يبين للأمة ما أرسل به النبي - صلى الله عليه وآله - وما اختلفوا فيه، لكي يرتفع عنهم الخلاف.
وهذان المعنيان قد نص عليهما النبي - صلى الله عليه وآله - في علي بن أبي طالب - عليه السلام - ومن تلك النصوص الصريحة التي لا تقبل الشك:
(أ) ما روي عن أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وآله - قال: (علي باب علمي، ومبين من بعدي لأمتي ما أرسلت به، حبه إيمان، وبغضه نفاق... الحديث).
راجع: كنز العمال ج ١١ ص ٦١٤ ح ٣٢٩٨١، فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي ص ١٨، ط الأزهر، وص ٤٧ ط الحيدرية، الغدير للأميني ج ٣ ص ٩٦.
(ب) ما روي عن أنس، قال: قال - صلى الله عليه وآله - (يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين).
قال أنس: قلت اللهم اجعله رجلا من الأنصار وكتمته.
إذ جاء علي فقال: (من هذا يا أنس؟) فقلت: علي، فقام إليه مستبشرا فاعتنقه، ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه. قال علي: يا رسول الله - صلى الله عليه وآله - لقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعت بي من قبل؟ قال: (وما يمنعني وأنت تؤدي عني وتسمعهم صوتي وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي)؟
راجع: حلية الأولياء ج ١ ص ٦٣، المناقبللخوارزمي الحنفي ص ٨٥ ح ٧٥، ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق ج ٢ ص ٤٨٧ ح ١٠٠٥، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٩ ص ١٦٩، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٢١٢، ميزان الاعتدال للذهبي ج ١ ص ٦٤.
(ت) ما روي عن أنس أيضا أن النبي - صلى الله عليه وآله - قال لعلي: (أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي).
راجع: الحاكم في المستدرك ج ٣ ص ١٢٢، كنز العمال ج ١١ ص ٦١٥ ح ٣٢٩٨٣، المناقبللخوارزمي ص ٣٢٩ ح ٣٤٦، كنوز الحقائق للمناوي ص ٢٠٣، ينابيع المودةللقندوزي الحنفي ص ١٨٢، ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ ابن عساكر ج ٢ ص ٤٨٨ ح ١٠١٧ و ١٠١٨.
يقول السيد شرف الدين في كتابه المراجعات ص ١٧٢ معلقا على هذا الحديث: إن من تدبر هذا الحديث وأمثاله علم أن عليا من رسول الله بمنزلة الرسول من الله تعالى، فإن الله سبحانه يقول لنبيه: (وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) سورة النحل الآية 64، ورسول الله - صلى الله عليه وآله - يقول لعلي: (أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي).