فقال: الإجماع من الأمة على إمامة أبي بكر بعد رسول الله - صلى الله عليه وآله - بلا فصل وأنت لا تنكر حجة الإجماع.
فقلت: ما تريد بالإجماع، الإجماع الحاصل من كثرة القائل بذلك في ذلك الوقت، أو الإجماع الحاصل من أهل الحل والعقد من يوم موت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -؟ إن أردت الأول فلا حجة فيه، لأن المخالف موجود ولا حجة فيها بنص القرآن لأنه تعالى يقول: (وقليل من عبادي الشكور) (1)، ولم تزل الكثرة مذمومة في جميع الأمور حتى في القتال، قال تعالى: (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين) (2) وإن أردت الثاني فلي في إبطاله طريقان، طريقة على مذهبي ولا تلزمك، وهي أن الإجماع عندنا إنما يكون حجة مع دخول المعصوم فيه (3)، فكل إجماع خال منه لا حجة فيه عندنا لجواز الخطأ على كل واحد واحد فهكذا على الكل لتركبه من الآحاد، وأنت لا تقول بدخول المعصوم، فالاجماع الذي تدعيه لا يكون عندنا صحيحا فلا يكون حجة وطريقة على مذهبك، وهو أن الإجماع هو: اتفاق أهل والعقد من أمة النبي - صلى الله عليه وآله - على أمر من الأمور.
وهذا المعنى لا يحصل لأبي بكر يوم السقيفة، بل كان فضلاء العرب وعلماؤهم وزهادهم وذو والأقدار أولوا الأيدي والأبصار منهم وأهل الحل والعقد غيابا لم يحضروا معهم السقيفة بالاتفاق كعلي بن أبي طالب،