السلام - وجاز لعلي أن يترك ما أمر به من دعوة الناس إلى طاعته؟
فقال: من قبل إنا لم نزعم أن عليا - عليه السلام - أمر بالتبليغ فيكون رسولا ولكنه - عليه السلام - وضع علما بين الله تعالى وبين خلقه، فمن تبعه كان مطيعا ومن خالفه كان عاصيا، فإن وجد أعوانا يتقوى بهم جاهد، وإن لم يجد أعوانا فاللوم عليهم لا عليه، لأنهم أمروا بطاعته على كل حال ولم يؤمر هو بمجاهدتهم إلا بقوة وهو بمنزلة البيت على الناس الحج إليه، فإذا حجوا أدوا ما عليهم، وإذا لم يفعلوا كانت للأئمة عليهم لا على البيت.
وقال آخر: إذا وجب أنه لا بد من إمام مفترض الطاعة بالاضطرار، كيف يجب بالاضطرار أنه علي - عليه السلام - دون غيره؟
فقال: من قبل أن الله تعالى لا يفرض مجهولا، ولا يكون المفروض ممتنعا، إذ المجهول ممتنع فلا بد من دلالة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - على الفرض، ليقطع العذر بين الله عز وجل وبين عباده، أرأيت لو فرض الله تعالى على الناس صوم شهر فلم يعلم الناس أي شهر هو؟ ولم يوسم بوسم، وكان على الناس استخراج ذلك بعقولهم حتى يصيبوا ما أراد الله تعالى، فيكون الناس حينئذ مستغنين عن الرسول المبين لهم وعن الإمام الناقل خبر الرسول إليهم.
وقال آخر: من أين أوجبت أن عليا - عليه السلام - كان بالغا حين دعاه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فإن الناس يزعمون أنه كان صبيا حين دعي ولم يكن جاز عليه الحكم ولا بلغ مبلغ الرجال.
فقال: من قبل أنه لا يعرى في ذلك الوقت من أن يكون ممن أرسل إليه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ليدعوه، فإن كان كذلك فهو محتمل التكليف قوي على أداء الفرائض، وإن كان ممن لم يرسل إليه، فقد لزم