فقال: كيف لا يكون ذلك وتلاميذه المجتهدون كانوا نحو أربعمائة مجتهد، أحدهم أبو حنيفة.
قلت: فما تقول فيمن تبعه؟
قال: هو على الحق بغير شبهة، ولكن مذهبه لم ينقل كما نقل مذهب أبي حنيفة.
فقلت له: تعني أنه لم ينقله أحد أصلا أم أهل السنة لم ينقلوه، فإن أردت الأول لم يتمش أما أولا، فلأنه شهادة على نفي فلا تسمع، لأن مضمونها أني لا أعلم أن أحدا نقله، وأما ثانيا، فلأنه مكابرة على المتواترات المشتهرة لأن نقل أحاديثهم وآدابهم وعباداتهم ومذهبهم في فروع الفقه ومعتقداتهم بين شيعتهم أظهر من الشمس، وقد نقلوا من ذلك ما يزيد على ما في الصحاح الست بأسانيد معتبرة، ونقحوا رجال الأسانيد بالجرح والتعديل غاية التنقيح، ولم يقبلوا رواية إلا من ثبت توثيقه، ويقولون إن أئمتهم ومجتهديهم في كل عصر من لدن علي بن أبي طالب - عليه السلام - إلى يومنا هذا لا يقصرون عن علماء فرقة من الفرق، بل هم في كل زمان أعلم وأكثر مما في زمن أئمتهم الاثني عشر - صلوات الله وسلامه عليهم - فواضح أنه لم يماثلهم أحد في علم ولا عمل، لأن قولهم لم يكن بظن واجتهاد وإنما كان بالعلم الحقيقي إما بنقل كل واحد عن أبيه إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وإما بالكشف والإلهام، بحيث يتساوى صغيرهم وكبيرهم، ولهذا ما روي أن أحدا منهم في صغره ولا في كبره تردد إلى معلم أو استفاد من أستاذ، ولا سئل أحدهم عن سؤال فتوقف أو تعلم أو رجع إلى كتاب أو احتاج إلى فكر، ومن وقف على سيرهم التي نقلها مخالفوهم فضلا عن مناقبهم وفضائلهم كتبا لا تدخل