حكم المناظرة في الشريعة الإسلامية:
تمهيد:
عرفت المناظرة أو المجادلة في الفلسفة اليونانية باسم: (طوبيقا)، وهي إحدى الصناعات الخمس المهمة التي ينقسم إليها القياس المنطقي، ويتوقف فهم هذه الصناعة على مقدمات ومبادئ أساسية لا غنى عنها من يروم الدفاع عما يراه جديرا " بالدفاع عنه لشتى الأغراض، سواء أكان ذلك في مجال العقيدة أم لم يكن.
على أن رجوع طالب المناظرة أو الجدل إلى المصادر الأولية للوقوف على مقدمات ومبادئ هذه الصناعة قد لا يخلو من صعوبة، لما اكتنف تلك المصادر من غموض في العبارة، وإجمال يتيه معه المبتدئ في خضم الأساليب المنطقية التي لم يعتدها من قبل، ولهذا ننصح بالرجوع إلى ما كتبه الشيخ محمد رضا المظفر - رحمه الله - في كتابه المنطق، إذ فيه مادة غنية مبسطة تغني عن الرجوع إلى غيره في تحصيل أوليات المناظرة فيما يتعلق بصناعة الجدل.
ومن المهم أن نشير في هذا التمهيد إلى أن القياسات الجدلية، - التي ينبغي معرفتها في مقام المناظرة أو المجادلة - تهدف بالدرجة الأساس إلى تحصيل ما يفحم به الخصم عند المناظرة، وقطع حجته والظهور عليه بين السامعين، سواء أكان ذلك حقا " أم باطلا "، إذ ليس الغرض من القياسات الجدلية هو الحق أو الباطل، وإن كان أحدهما داخلا " في طلب ما يفحم به