قال عمرو بن العاص: أيتها العجوز الضالة، أقصري من قولك، وغضي من طرفك.
قالت: ومن أنت لا أم لك؟
قال: عمرو بن العاص.
قالت: يا بن اللخناء النابغة، أتكلمني أربع على ظلعك، وأعن بشأن نفسك فوالله ما أنت من قريش في اللباب من حسبها، ولا كريم منصبها، ولقد ادعاك ستة من قريش، كل يزعم أنه أبوك ولقد رأيت أمك أيام منى بمكة مع كل عبد عاهر (أي فاجر) فأتم بهم فإنك بهم أشبه فقال مروان الحكم: أيتها العجوز الضالة، ساخ بصرك مع ذهاب عقلك، فلا يجوز شهادتك.
قالت: يا بني، أتتكلم فوالله لأنت إلى سفيان بن الحارث بن كلدة أشبه منك بالحكم وإنك لشبهه في رزقه عينيك وحمرة شعرك مع قصر قامته وظاهر دمامته، ولقد رأيت الحكم ماد القامة، طاهر الأمة سبط الشعر، وما بينكما قرابة إلا كقرابة الفرس الضامر من الأتان المقرب، فاسأل أمك عما ذكرك لك فإنها تخبرك بشأن أبيك إن صدقت.
ثم التفتت إلى معاوية فقالت: والله ما عرضني لهؤلاء غيرك وإن أمك للقائلة في يوم أحد في قتل حمزة - رحمة الله عليه -:
نحن جزيناكم بيوم بدر * والحرب يوم الحرب ذات سعر ما كان عن عتبة لي من صبر * أبي وعمي وأخي وصهري شفيت وحشي غليل صدري * شفيت نفسي وقضيت نذري فشكر وحشي علي عمري * حتى تغيب أعظمي في قبري فأجبتها: