والسهام تطير يمينا وشمالا وخلفا وقداما ورأوا العثير مثارا، والجواد صاهلا، والعسكر صائلا، والبطل راجزا، والمضمار متزلزلا، والدماء فائضة، والأبدان فيها خائضة، والرؤوس كالحباب، والدروع كالسحاب.
تراهم يفرون عن أعادي القتال ويجعلونك معرضا للقتل والنهب والاستئصال ويسعون في نجاتهم حبا لحياتهم، وابنك الموصوف بين الأبطال والصفوف، يغزو ويجعله مضربا للسيوف، ومعرضا للسهام والحتوف، لا يخاف من الفوت ولا يبالي بالموت ويسعى في طرد الأعداء عنك محصورا، حتى لا تصير مقتولا أو مأسورا، ولم يكن هذا العمل ظهر منه في واقعة واحدة، بل في وقائع متعددة.
وفي كل هذه الوقائع أيضا فر سواه، ولم تكن ترى في الحرب أحدا عداه، حتى استقام أمرك بسعيه، وقام لك عمود السلطنة بوعيه، وكنت في مدة رئاستك، وأزمنة سياستك، من فرارهم في الهيجاء محروق السويدا، ومن حينهم شديد الألم، وعظيم الكربة والغم.
فإذا اتفق موتك، وظهر فوتك مدوا أعناقهم نحو السلطنة وادعوا الرئاسة، واستحقاق السياسة، وأمروا ابنك المقدام إلى متابعتهم حتى يجعلوه من رعاياهم، وقالوا: نحن نشيد صرح السلطنة ونحفظ المملكة ونجعل اسم السلطان مبسوطا ونراعي أولاده، أترى إن صرت حيا أنهم صادقون في هذا القول والكلام، بعد ما ظهر منهم عدم الاهتمام، في حال حياتك وعدم الرعاية في نجاتك، مع كون تنظيم الأمر في ذلك الوقت أصعب وأشكل وفي هذا الزمان أسهل.
قال: لا أصدقهم في هذا القول، بل أقول بالتسوية بين هذا القول والبول، لأنهم في زمان كانت الأعادي أقوياء ونحن أضعف من جميع