وجهلوه وتولوا غيره!!
يا معاوية أما علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - حين بعث إلى مؤتة أمر عليهم جعفر بن أبي طالب، ثم قال إن هلك جعفر فزيد ابن حارثة، فإن هلك زيد فعبد الله بن رواحة، ولم يرض لهم أن يختاروا لأنفسهم.
أفكان يترك أمته لا يبين لهم خليفته فيهم؟! بلى والله، ما تركهم في عمياء ولا شبهة، بل ركب القوم ما ركبوا بعد نبيهم، وكذبوا على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فهلكوا وهلك من شايعهم، وضلوا وضل من تابعهم، فبعدا للقوم الظالمين.
فقال معاوية: يا بن عباس إنك لتتفوه بعظيم! والاجتماع عندنا خير من الاختلاف، وقد علمت أن الأمة لم تستقم على صاحبك.
فقال ابن عباس: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها (1)، وإن هذه الأمة اجتمعت على أمور كثيرة ليس بينها اختلاف ولا منازعة ولا فرقة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، والصلوات الخمس، وصوم شهر رمضان، وحج البيت، وأشياء كثيرة من طاعة الله ونهي الله، مثل: تحريم الزنا، والسرقة، وقطع الأرحام، والكذب، والخيانة، واختلفت في شيئين:
أحدهما: اقتتلت عليه وتفرقت فيه وصارت فرقا، يلعن بعضها بعضا ويبرأ بعضها من بعض.