قال: فمن أين قلت: إنه معصوم من الذنوب؟ قال: لأنه إن لم يكن معصوما من الذنوب، دخل في الخطأ فلا يؤمن أن يكتم على نفسه، ويكتم على حميمه وقريبه، ولا يحتج الله عز وجل بمثل هذا على خلقه.
قال: فمن أين قلت: إنه أشجع الناس؟
قال: لأنه فئة للمسلمين الذين يرجعون إليه في الحروب، وقال الله عز وجل: (ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله) (1) فإن لم يكن شجاعا فر فيبوء بغضب من الله، فلا يجوز أن يكون من يبوء بغضب من الله حجة لله على خلقه.
قال: فمن أين قلت: إنه أسخى الناس؟
قال: لأنه خازن المسلمين، فإن لم يكن سخيا تاقت نفسه إلى أموالهم فأخذها، فكان خائنا، ولا يجوز أن يحتج الله على خلقه بخائن.
فقال عند ذلك ضرار: فمن هذا بهذه الصفة في هذا الوقت؟
فقال: صاحب العصر أمير المؤمنين - وكان هارون الرشيد قد سمع الكلام كله -.
فقال عند ذلك: أعطانا والله من جراب النورة، ويحك يا جعفر - وكان جعفر بن يحيى جالسا معه في الستر - من يعني بهذا؟
قال: يا أمير المؤمنين يعني موسى بن جعفر.
قال: ما عنى بها غير أهلها، ثم عض على شفته، وقال: مثل هذا حي ويبقى لي ملكي ساعة واحدة؟! فوالله للسان هذا أبلغ في قلوب الناس من مائة ألف سيف (2).